استخدموهم في إظهار الغيب، من مسروق ضائع أو مستقبل مخبوء، واستخدموهم في العلاج، استغلوهم في كل شيء، وصارت لديهم مهنة منها يتعيشون، وللمال يجمعون، وبالعقول يعبثون». ثم يقول: «وقد ساعدهم على ذلك طائفة من المتسمين بالعلم والدين، وأيدوهم بحكايات وقصص موضوعة أفسدوا بها حياة الناس، وصرفوهم عن السنن الطبيعية في العلم والعمل، وعن الجد النافع المفيد وجدير بالناس أن يشتغلوا بما يعنيهم، وبما ينفعهم في دينهم، ودنياهم، جدير بهم أن لا يجعلوا لدجل المشعوذين سبيلا إلى قلوبهم، فليحاربوهم وليطاردوهم، حتى يطهر المجتمع منهم وليعرفوا ما أوجب الله عليهم معرفته، مما يفتح لهم أبواب الخير والسعادة». ثانياً: لا يهاب الغير في إبداء الرأي كان الشيخ شلتوت شجاعا في إبداء ما يراه صوابا وإن خالف الكثيرين، وهذا هو أحد أخلاق العلماء الملتزمين بأوامر الشرع وأحكامه، ويظهر ذلك في رأيه الفقهي الذي أبداه في حكم الأرباح التي تدفعها مصلحة البريد لأصحاب الأموال المودعة في صندوق التوفير. فبين الشيخ محمود شلتوت أن بعض علماء الحلال والحرام يرى أن الربح الذي تدفعه مصلحة البريد لأصحاب الأموال المودعة في صندوق التوفير حرام؛ لأنه إما فائدة ربوية للمال المودع، أو منفعة جرها قرض، وكلا الأمرين حرام في نظر الشريعة، وعلى هذا يجب رده، ويحرم أخذه والانتفاع به. يبين الشيخ شلتوت هذا الرأي ثم يقول: «والذي نراه – تطبيقا – للأحكام الشرعية والقواعد الفقهية السليمة – أنه حلال ولا حرمة فيه». وعلل هذا الرأي – وإن خالفه في هذا كثيرون – بقوله: «ذلك أن المال المودع لم يكن دينا لصاحبه على صندوق التوفير، ولم يقترضه صندوق التوفير منه، وإنّما تقدم به صاحبه إلى مصلحة البريد من تلقاء نفسه طائعا مختارا، ملتمسا قبول المصلحة إياه، وهو يعرف أن