عن مصلحة الراوي من الرواية الواردة لبيان الواقع، وكان تلاميذ الأئمة على اطّلاع بكلا النوعين من الفتيا فإذا وصل إليهم فتاوى الصادقين يعرفون ما هو الوارد لبيان الواقع فيصفونه بأنه أعطاه من عين صافية. وما هو الوارد على وفق الواقع لمصالح اقتضت ذلك، فيصفونه بأنه أعطاه من جراب النورة. 5ـ ومن مميزات منهجه الفقهي في استنباط الأحكام هو أنه كان يلتزم بقراءة كل رواية وردت حول المسألة في وسائل الشيعة والمستدرك وما في الصحاح والسنن، وكان يقرأ كل رواية بسندها التام، ويذكر خصوصية أكثر الرواة غير المعروفين وانه من أي طبقة من الطبقات، وكثيراً ما ينبّه على سقوط الواسطة، أو طروء تقليب، أو تصحيف على الرواية أو يشير إلى عدد رواياته قلة وكثرة. وفي ظل الإحاطة بالأسانيد كان يجهد في توحيد الروايات، فيرجع الروايات المتعددة ظاهراً إلى أصل واحد، قائلاً: بأن التكثر طرأ عليها من قبل الوسائط. وهذا كان من اختصاصاته في الفقه. 6ـ كان (قدس سره) يجهد في أن يذكر لكل مسألة الدليل المهم الذي يمكن ان يستند إليه المجتهد، وينأى بنفسه عن ذكر الأدلة الضعيفة ومناقشتها صيانة لوقت الطالب. هكذا كانت محاضرات سيدنا الأستاذ الراحل ومنهجه الفقهي الذي أصبح فيما بعد المنهج الرسمي السائد على الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة، وأما الكلام في منهجه الحديثي والخدمات التي أسداها في هذا المضمار، فنحيله إلى وقت آخر. ج ـ نشاطاته الاجتماعية إن الإمام الراحل السيد البروجردي كان من أرومة عريقة ضربت بجرانها عبر العصور والقرون، فهو سليل الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء، فلا عتب على اليراع إن وقف عن سرد محاسنه وفضائله، فإن سيدنا المترجم فذ في كل نواحيها. ونسبة الفضائل إليه كأسنان المشط لا تفاضل بينها، لأنه واقع في نقطة المركز من الدائرة، فخطوط الفضائل إليه متساوية، ومع ذلك نشير إلى بعض ما للسيد من نشاطات ومواقف كريمة، وما كان يحمل من هموم الأمة وما قدّم لها من خدمات.