تاريخية، ولم يكن ذلك من خصائصه في الفقه فحسب، بل كان يدخل من هذا الباب في المسائل الأصولية أيضاً. مثلاً كان (قدس سره) يدرّس مبحث (العام والخاص) وكانت المسألة المعنونة هي: صيرورة العام مجازاً بعد التخصيص وعدمها، فخاض في لباب تاريخ المسألة حتى وصل إلى النتيجة التالية: بأنّ المسألة عنونت في أوائل القرن الرابع، ثم ذكر الآراء من ذلك العصر إلى يومنا هذا. وهذه من خصائصه فكان يرى أن الإحاطة بالأقوال من أركان الاستنباط، ومع أنه كان يمتلك أكثر الكتب الفقهية للفريقين مخطوطها ومطبوعها، ولكنه كان يعتمد في نقل الآراء على كتاب (الخلاف) للطوسي و(تذكرة الفقهاء) و(منتهى المطلب) للعلاّمة الحلي. وكثيراً ما ينقل الآراء الفقهية لأصحابها حسب تدرجها الزماني حتى يعلم تطور المسألة، وربما يشير إلى مباني الآراء عند ذكرها إشارة عابرة. 2ـ ثم إنه بفضل التركيز على نقل آراء فقهاء الفريقين والإشارة إلى بعض الأدلة، كان لمنهج فقهه صبغة الفقه المقارن، فيذكر آراء الفقهاء وبعض أدلّتهم وربما يصحح وأخرى يناقش بصدر رحب، وكثيراً ما يعتمد على كتاب (الأم) للشافعي و(الموطّأ) لمالك، وعندما يجلس على منصة التدريس يحس الطالب أنّه فقيه متضلع خبير بكافة الآراء الفقهية لجميع المذاهب الإسلامية، وهذا كان من أبرز سمات منهجه، ولم يكن استيعابه للصحاح والمسانيد بأقل من استيعابه للكتب الأربعة. 3ـ إن السيد البروجردي كان يقيم للشهرة الفتوائية أو العملية ـ على الفرق الواضح بينهما ـ قيمة كبيرة، فإذا كانت الرواية ممن أفتى بها القدماء من الفقهاء لم يكن يعدل عنها، بل انه يتبع هذا الأسلوب فيما لو كانت هناك فتوى مشهورة بين القدماء وإن لم تعضد بالدليل، وكان يقيم الأدلة على حجية الشهرة الفتوائية للقدماء بما لا مجال لبيانه. 4ـ إنّه (قدس سره) يذكر حول الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) كلمة معروفة، مضمونها كالتالي: كما أنّ الآيات القرآنية شأن نزول، فهكذا لروايات أئمة أهل البيت أسباب ورود، ولا يعلم إلا بالرجوع إلى فتاوى الفقهاء المعاصرين لهم، فبالتعرف على فتاواهم تعرف إشارات الإمام في كلامه ولطائف مقاله، كما تعرف بها الرواية الصادرة