من المستفتين، وهي في كثير من نواحيها مسائل فقهية، في أبواب الطهارة، والعبادات، والمعاملات، وفقه الأسرة، وغير هذا من قضايا تحدث للناس في حياتهم اليومية الخاصة والعامة، وليست قضايا عقائدية إلا في حالات قليلة بالنسبة إلى مسائل الفقه وقضاياه الكثيرة. الشيخ محمود شلتوت مجتهد فتوى تحتاج الأمة الإسلامية في كل عصر إلى من يبين للناس أحكام الدين في معاملاتهم وصلاتهم بعضهم ببعض، وصلاتهم جميعاً بالخالق تبارك وتعالى، ومن المعلوم أن التصرفات تتجدد والأحداث تختلف من عصر إلى عصر، ويحدث للناس والمجتمعات قضايا مختلفة باختلاف البيئات والأعراف والثقافات، فكان من اللازم وجود المجتهدين في كل عصر ليساعدوا الناس على التعرف على أحكام دينهم، ولهذا وجدنا علماءنا القدامى يبينون أن الاجتهاد فرض في كل العصور، ومؤلف جلال الدين السيوطي كتاباً بعنوان (الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض) وكان الشيخ محمود شلتوت أحد العلماء الذين دخلوا من باب الاجتهاد، وثقف نفسه ثقافة علمية دينية عالية المقدار، مما مكنه من أن يفتي الناس في أمور دينهم .. ولعلي لا أكون مبالغاً إذا قلت إن الشيخ محمود شلتوت وصل بعلمه وفكره إلى درجة علمية كبيرة تؤهله لأن يحوز مرتبة مجتهد الفتوى. واجتهاد الفتوى هو أحد أنواع الاجتهاد الثلاثة، فمن المعلوم أن الاجتهاد هو بذل الفقيه وسعه في استنباط الأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية. ومعنى بذل الوسع أن يحس الفقيه من نفسه العجز عن المزيد على ما بذله من جهد علمي في فهم ما تفيده الأدلة الشرعية.([80]) والتقليد يضاد الاجتهاد، وقد عرف العلماء التقليد بعبارات مختلفة فهو عند البعض: قبول رأي الغير بلا دليل ولا حجة، وعرفه الجرجاني بأنه عبارة عن اتباع الإنسان غيره فيما