فابشروا .. وانصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم .. وقد وعدكم الله وعد الحق إذ يقول (وكان حقاً علينا نصر المؤمنين) والمؤمنون الذين وعدهم الله هذا الوعد هم الذين ذكرهم جل شأنه في قوله تعالى: (إنّما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا واجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون). والآن، وبعد أن تكلمنا عن تأسيس جماعة التقريب بالقاهرة سنة 1947م، وقلنا إنه كان من أبرز أعمالها حينذاك استنكارها لما صدر من هيئة الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، كان لابد لنا من تكملة جهاد الشيخ محمود شلتوت المتواصل نحو الأزهر الشريف. ففي سنة 1950م عين الشيخ شلتوت مراقباً عاماً للبحوث والثقافة الإسلامية بالأزهر فوضع أساساً لإصلاح مراقبة البحوث، ولعلاقة مصر الثقافية مع العالمين العربي والإسلامي وغيرهما. وعين في 1957م وكيلاً للأزهر فبدأ الحديث يكثر عن ضرورة إصلاح الأزهر، وحل مشاكله، والقضاء على عزلته كي تتوازن فيه علوم الدين واللغة مع علوم الحياة، ويتساوى خريجوه مع خريجي التعليم العالي حتى صدر القرار الجمهوري باختيار الشيخ محمود شلتوت شيخاً للأزهر في 13 أكتوبر سنة 1958م، فبدأ العالم الإسلامي بعامة يحسن إيقاعاً جديداً في الأزهر إذ تولى إمامته ومشيخته من وقف حياته مناضلاً عنه، ومجاهداً في سبيل إصلاحه والنهوض به. وصدر القانون رقم 103 لسنة 1961 الذي عرف بقانون تطوير الأزهر، ودخل الأزهر بهذا القانون مرحلة جديدة، وكان الهدف منه كما جاء في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون (أن نظام الأزهر بوضعه القائم يجعل الدارسين فيه يحصلون من علوم الدين حظاً كبيراً ولكنهم لا يكادون يتصلون بعلوم الدنيا اتصال النفع والانتفاع. والإسلام في حقيقته الأصيلة لا يفرق بين علم الدين وعلم الدنيا، بل يجمع بينهما كما يجمع بين المطالب المادية والسبحات الروحية فهو دين اجتماعي ينظم سلوك الناس في الحياة ليحيوا حياتهم في حب الله عاملين مؤثرين في المجتمع في ظل طاعة الله). وجاء في المذكرة الإيضاحية أيضاً: (والأزهر إذ يعد علماء في الدين وفي لغة القرآن لم يتهيأ بعد لتأهيل العالم الديني المتخصص في عمل من أعمال الخبرة والإنتاج التي تحتاج إليها نهضة المسلمين في كل البلاد. ومن ثم كان هناك نوع من الانعزال بينهم وبين المجتمع الذي