يتولون معالجة شؤون الحياة الإسلامية وثقافتها على نحو لا يستطيعه كثير من هؤلاء العلماء الكبار. لم ييأس الشيخ شلتوت، ومضى في دعوته للإصلاح ـ دونما خوف ولا وجل ومضت السنوات تلو السنوات، وأصبح الشيخ شلتوت شيخاً للأزهر 1958م وشاء الله ان يحقق له ما كانوا يصبو إليه، فعمل على إنشاء (مجمع البحوث الإسلامية) حيث رأى فيه الأمل الذي جاهد من أجله وأراد له أن يحقق ما لم تحققه الهيئة، وأضاف إليه من الشمول ما جعل عضويته تتسع لكي تشمل غير الأزهريين من أعلام الدين الإسلامي في جميع أقطار الأرض. الجهاد الموصول واصل الشيخ جهاده في سبيل إصلاح الأزهر حيث فاجأ المسؤولين عام 1942م بمحاضرة ألقاها في كلية الشريعة تحت عنوان (السياسة العلمية التوجيهية للأزهر) أثنى فيها على المقترحات الإصلاحية التي كان قد تقدم بها الإمام المراغي في 1929 إبان مشيخته الأولى للأزهر عام 1928م وانتهى به الأمر إلى مشيخة الأزهر مرة ثانية عام 1935م غير أنه لم يأخذ بما جاء فيها. فلم تزل كتب الأزهر على ما كانت عليه من التعقيد الذي يصعب على القارئ فهمه، ولم نزل نشغل أنفسنا بالفروض الفقهية المستحيلة التي اشتغل بها فقهاء العصر المملوكي والتركي ومن جاء بعدهم. ولم تزل الإسرائيليات ذائعة تملأ من كتب التفسير التي تدرس في الأزهر فراغاً كبيراً. * ولم يزل باب الاجتهاد في الفقه مغلقاً. * ولم يزل الطلاب يمتحنون في المقروء فقط، وهم لا يقطعون من الزمن الدراسي في العام غير أربعة أشهر إن لم تقل .. وأن الأزهر بوضعه هذا قاصر عن تحقيق رسالته المنشودة في خدمة العالم الإسلامي .. وكل هذا يدل على أن الإصلاح الذي نادى به الشيخ المراغي قد تجمد ولم ينطلق .. ومن ثم كان لهذه المحاضرة أثرها القوي في الأوساط العلمية .. ودبت بسببها القطيعة بين الشيخ شلتوت ومن يؤمنون بإصلاحاته وبين شيخ الأزهر الذي يملك الرأي ثم لا يسرع في التنفيذ. * ومرت الأيام وانتقل الإمام المراغي إلى جوار ربه وأعقبه سواه وسواه من مشايخ الأزهر وحاله الأزهر كما هي .. حتى أذن الله أن تكون مقاليد الأزهر بيد الشيخ شلتوت الذي عين