وكان أول فرقته في جميع سني الدراسة، ونال شهادة العالمية النظامية عام 1918م وكان ترتيبه أول الناجحين فيها. وبعد تخرجه عين مدرساً بمعهد الإسكندرية الديني دون أن ينازعه منازع ولم يكن التعيين إذ ذاك سهلاً هيناً كعهدنا به اليوم، لأن التدريس الرسمي بالأزهر كان شرفاً لا يناله إلا أصحاب المواهب العالية، ولكن بزوغ نجم الشيخ شلتوت مبكراً رشحه بإجماع أساتذته لنيل ذلك الشرف، وعهد إليه بتدريس الفقه والتفسير والحديث. مواقفه الوطنية لم يكن من المنتظر أن يعكف الشيخ شلتوت على الدرس وحده، فإن آماله الكبار، وحميته الوطنية دفعتا به إلى متابعة نشاطه العلمي فيما يتصل بعلوم الدين واللغة العربية، وفي الأوساط الاجتماعية وفي الصحافة بكتابة المقالات الوطنية إسهاماً منه في الثورة المصرية بثغر الإسكندرية بعد الحرب العالمية الأولى. وهكذا رأى فيه الناس وطنياً غيوراً، وعالماً فقيهاً من طراز متجدد ودفعته شجاعته الوثابة إلى أن يكون ـ في شبابه الباكر ـ صاحب رأي في كل ما يدور حوله، وبذلك لفت أنظار العلماء إلى مواهبه، فاختير ليكون محاضراً في مادتي الفقه والأُصول بالقسم العالي بالأزهر سنة 1927م من قبل أن يمر على تخرجه أكثر من تسع سنوات، مع أن دراسة الفقه والأُصول في القسم العالي كانت وقفاً على من بلغوا النهايات من أعمارهم الدراسية، وكان الشيخ شلتوت وهو الذي مازال شاباً جديراً بما أسند إليه، فبهر بعلمه الغزير وفكره الثاقب تلاميذه، وحببهم في العلم ورغبهم في تحصيله. آراؤه في إصلاح الأزهر لما عين المرحوم الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخاً للأزهر 1928م أدرك أن الأزهر يقف جامداً مع أن الحياة تتحرك من حوله، ولهذا قويت في نفسه بواعث الإصلاح فأعلن أنه يريد للأزهر إصلاحاً شاملاًُ يوقظه من سباته، ويفتح فيه باب الاجتهاد في العلم والدين. وسرعان ما تجاوب فكر الشيخ محمود شلتوت الشاب مع فكر الشيخ المراغي في إصلاح الأزهر، فما كاد الشيخ شلتوت يقرأ في الصحف برنامج الشيخ المراغي عن إصلاح الأزهر حتى احتل منافذ إحساسه، فأخذ يكتب في صحيفة السياسة وفي الأهرام والمقطم داعياً إلى