ينطلق الشهيد الصدر قدس سره في منهجه العام من حقيقة بسيطة، مفادها أن نجاح أي مشروع إنّما يتوقف على كون القائمين عليه مؤمنين كلّ الإيمان بأحقيته وجدواه([49]) ، لأن مثل هذا الإيمان يقود بالضرورة إلى الإخلاص والجدية، ويستتبع ذلك بالضرورة أيضاً الدقة في التخطيط والحرص في المتابعة، كما يحفز على الأخذ بكل مبادرة جادة، واغتنام كلّ فرصة سانحة، والتفتيش عن أية إمكانية متوفرة تخدم الهدف الأساس للمشروع ولا تتقاطع مع أغراضه الحيوية. إنّ الوعي العميق بهذه الحقيقة جعل الإمام الشهيد الصدر t وهو يستشعر ويستحضر خدمة الإسلام العظيم ـ طلباً لمرضاة الله تعالى ـ، جعله يتميز في كلّ فعالياته وأنشطته وحركته المباركة بالجدية والحيوية في الإعداد، والتخطيط، والمتابعة، والاشتراك الفعلي ([50]) لتنفيذ المشاريع الكبرى والخطيرة، التي حمل على عاتقه أعباء مسؤوليتها. ولو حاولنا استكشاف منهج الإمام الشهيد في الوحدة والتقريب بين المذاهب الإسلامية لوجدنا ايمانه قدس سره الراسخ، ووعيه العميق بأهمية الوحدة الإسلامية، وخطورتها ليس على صعيد المواجهة مع الخصوم الآيدلوجيين والتقليديين فحسب، وإنّما بضرورة تميز الأُمة المسلمة ككيان حضاري إزاء الكيانات الأخرى. إنّ ذلك الإيمان والوعي الراسخين دفعاه إلى التأكيد على ضرورة تغليب الحرص على الكيان الإسلامي والغيرة عليه ([51])، بل هو يدعو إلى ضرورة تنظيف مشاعرنا من الغيرة على المصالح الخاصة (كيانات مذهبية أو أفراد) لحساب الغيرة على الكيان الكلي للإسلام.