والكلامية كادت الدراسات المقارنة تسود في الأوساط الحوزوية والأكاديمية، وفي ذلك ما فيه من جدوى وثمار حقيقية، تتمثل في تفهم كلّ اتباع مذهب مباني ومتبنيات المذهب الآخر. ولعل من المناسب أن نشير هنا إلى أن هذا الاتجاه العلمي في الدراسة المقارنة كان فقهاء الأُمة الأوائل قد سبقونا إليه، إذ نجد مبادرة، علم الهدى الشريف المرتضى في (الانتصار)، والشيخ الطوسي في (الخلاف)، والعلامة الحي في (التذكرة)وكلهم من إجلاء فقهاء الإمامية، وتلمسناه على نحو آخر في المغني لابن قدامه، وفي بداية المجتهد لابن رشد الحفيد هذا في المتقدمين أما في العصور المتأخرة وفي عصرنا الحالي فقد بادر إليه الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء في تحرير المجلة، والعلامة محمّد تقي الحكيم في الأصول العامة، وتلمسناه في الدراسات الجامعية التي أشرف عليها أساتذة الأزهر، وظهر في الموسوعات الفقهية([46]) أخيراً. وأما على الصعيد السياسي فقد كانت هناك مواقف سياسية تنم عن المشاعر الإسلامية الصادقة، وتدل على الحرص على كيان الإسلام السياسي مهما كان لونه المذهبي، كما حصل هذا مثلاً في إفتاء علماء الإمامية في الربع الأول من هذا القرن العشرين بوجوب الجهاد لحماية الحكم السني ([47]) في الدولة العثمانية. ومثل ذلك كان موقف كثير من العلماء السنة ([48]) في دعم وإسناد الجمهورية الإسلامية وكل ذلك يدل على أهمية وجدوى (المشروع التقريبي) وضرورة تنشيطه، واتخاذ الخطوات العلمية والعملية لإنجاحه. أبعاد وخصوصية منهج الإمام الشهيد الصدر رضى الله عنه