إنه قدس سره يرى أن المحنة التي تواجه الأُمة كبيرة وكبيرة جداً، وهي تتعلق بمصيرها وبمستقبلها، ولذا لابد من وحدة المشاعر إزاء وحدة المحنة، ويفلسف ذلك قائلاً: »لأن اختلاف الشعور يؤدي لا محالة إلى اختلاف الموقف الذي يتخذه الممتحن تجاه محنته، إذ تبعاً لنوعية الشعور سوف يتخذ الموقف المطلوب وفقاً لذلك الشعور..« ([52]). ثم يضرب مثلاً على ذلك من واقع المحنة في العراق، ويأخذ نموذجاً لذلك محنة الصراع بين العرب والأكراد ـ وهي المحنة التي تعرض لها الشعب العراقي في مرحلة من تاريخه المعاصر ـ، ويعبر الإمام الشهيد عن هذه المسألة تعبيراً حذراً ودقيقاً إذ يقول »هناك محنة يعيشها العراق منذ سنين وسنين، محنة صراع مسلح بين أخوين مسلمين في الشمال، بين بعض العرب وبعض الأكراد«([53]) . ثم ينتقل للتدليل على صحة التحليل والاستنتاج السابق قائلاً: » إنّ شعور بعض الناس إزاء هذه المحنة أنها كلفته ولده، كلفته أخاه، كلفته صديقه، وعليه فهو يعيش المحنة على هذا المستوى ويشعربها بهذه الدرجة، وموقفه إزاء ذلك أن يهرب أخاه،.. أن يتهرب من واجبات القانون حتّى لا ينخرط في مأساة من هذا القبيل.. ولا يرى له واجباً من وراء ذلك، وأخرى يتعمق هذا الشعور أكثر فأكثر فيكون شعوره شعوراً إقليمياً على أساس أن أبناء البلد الواحد يتصارعون ويتنازعون فيما بينهم، وهذا الشعور والانفعال الإقليمي تجاه المشكلة يؤدي إلى اتخاذ موقف أوسع من الموقف الأولى، إلى موقف يفكر فيه أنّه كيف يعيد الصفاء والسلام إلى أبناء البلد..، وقد يكون شعوره أعمق من هذا وذاك، قد