لعل من المناسب أولاً أن نتعرض بصورة موجزة على ما كان عليه دعاة التقريب والوحدة، وما قدموه من برامج، وما سلكوه من مناهج لنتبين من خلال ذلك منهج الإمام الشهيد الصدر قدس سره ومدى تميزه وشموليته كما حاولنا استكشافه. إنّ المنهج الذي سار عليه دعاة التقريب والوحدة كان قد تمثل عند الرواد الأوائل ([39]) من أمثال الشيخ جمال الدين، وتلميذه الإمام الشيخ محمّد عبده بإصدار النداءات، وحث الأُمة على ضرورة التمسك بالوحدة. وعلى الرغم من أهمية ذلك في تلك الأوقات والأزمان، إلاّ أن انشغال الشيخ وتلميذه بالحركة الإصلاحية العامة في أوساط الأُمة ربما حال دون طرح برنامج محدد في هذا الصدد. وقد حصل ببركة تلك الحركة الإصلاحية تطور مهم، عندما تصدى مجموعة من العلماء من مختلف المذاهب، وتنادوا لتأسيس دار ومنتدى في القاهرة، يهتم بمشروع التقريب بين المذاهب فتم تأسيس (دار التقريب في القاهرة)، ونتج عن ذلك إنجاز مهم تمثل في استقطاب أبرز الشخصيات العلمية والفكرية الإسلامية ([40]) من أمثال المرجع الديني الإمام البروجردي، والإمام محمّد الحسين كاشف الغطاء، والإمام السيد شرف الدين الموسوي وكلهم من الشيعة. كما استقطب علماء الأزهر الكبار من أمثال الشيخ عبد المجيد سليم، والشيخ محمّد أبو زهرة، ثم شيخ الجامع الأزهر الشيخ محمود شلتوت الذي عبر عن جديته وحماسه بإصدار فتواه الشهيرة ([41]) بصحة التعبد