الموازنة »بين حرية الرأي وانفتاح باب الاجتهاد، وبين الالتزام بالحجة وضوابط الاجتهاد« اشتهر فقهاء مدرسة أهل البيت (ع) بالانفتاح على الآراء المختلفة، وقبول تعددية الرأي في الفقه، ولم ينغلق باب الاجتهاد في هذه المدرسة قط، وقد أثمر هذا الانفتاح ثمرات طيبة في تنامي وتكامل الدراسات الفقهية. وتتميز الدراسات الفقهية في الحوزات العلمية التابعة لهذه المدرسة بإفساح المجال لمناقشة الآراء وحرية إبداء الرأي، والنقاش العلمي يجري على كل الأصعدة بين الطلبة والأساتذة، وبين الطلبة أنفسهم، وبين الفقهاء وأساتذة الدراسات العليا على أعلى مستويات (القمّة). ويتناقل الطلبة أجواء هذا النقاش وقناعاتهم العلمية، ويتمخض هذا النقاش عن تكامل حركة الاجتهاد. يقال أن فقيهين معاصرين هما الفقيه المحدث البحراني (رض) صاحب الموسوعة الفقهية (الحدائق الناضرة) في الفقه، والفقيه الأصولي الوحيد البهبهاني صاحب كتاب (الفوائد الحائرية) تلاقيا بعد صلاة العشاء في ساحة الحائر الحسيني بكربلاء؛ فأخذا في نقاش مسألة فقهية حتى آن وقت إغلاق أبواب الروضة، فطلب منهما سادن الروضة أن يخرجا عن ساحة الروضة فخرجا، ووقفا خارج ساحة الروضة، وهما يواصلان النقاش في نفس المسألة، فذهب السادن إلى بيته للنوم ولما عاد فجراً لفتح أبواب الجامع للصلاة، سمع من بعيد نقا شهما، فذكّرهما بقرب دخول وقت صلاة الفجر فرجعا إلى الجامع للاستعداد للصلاة. ويؤاخذ البعض حالة الانفتاح على الرأي الآخر، وحرية النقاش في هذه الحوزات بالمبالغة في الانفتاح … ومهما يكن نصيب هذه المؤاخذة من الصحة، فإن أمثال هذا الانفتاح وحرية إبداء الرأي والمناقشة ضمن ضوابط الاجتهاد، يؤدي إلى تنضيج وتكامل هذه الحركة.