ونحن من خلال التجربة الطويلة في هذه المدارس نعرف جيداً أن هذه الحرية في نقد الرأي، والانفتاح على الرأي الآخر، يتم ضمن ضوابط الاجتهاد الدقيقة … ووجود هذه الضوابط يحفظ حركة الاجتهاد من الانفراط والخروج عن الحدود، ولذلك استمرت حركة الاجتهاد في مدرسة أهل البيت (ع) بين المحافظة على التراث والمعاصرة، وبين الأصولية والتطوير، ولم تخرج هذه الحركة عن الخطوط العامة المقبولة في هذه المدرسة. الاستناد إلى الحجة إن القيمة العلمية الوحيدة في هذه المدرسة للحجة وما لم يعتمد الرأي على الحجة القطعية لا يكون مقبولاً ولا صواباً، والشك في الحجية يساوق دائما القطع بعدم الحجية. إذن، لابد أن يستند الرأي أخيراً إلى الحجة، حتى يكتسب الصفة العلمية، وهذه القاعدة تحفظ حركة الاجتهاد في هذه المدرسة عن الزيغ والخطأ، في الوقت الذي تحرص قيمة هذه المدرسة على فسح المجال للتعددية في الرأي الفقهي، وتلاقح الآراء والأفكار. 3ـ في المجال التربوي للعلماء موقع حساس وخطير في هذه الأُمة، وهو موقع التوجيه والتثقيف والتربية والإصلاح. وليس العلم كل شيء في شخصية العالم الديني، الذي يتخرج من الحوزات العلمية، وإنما هو أحد شطري شخصية العالم الديني، والشطر الآخر والأهم في هذه الشخصية هو الخلق الإسلامي وتهذيب النفس، وما لم يكتسب العالم الديني هذه الخصال الحميدة لا يستطيع أن يؤدي حق العلم؛ فإن الناس يأخذون من الخصال الحميدة للعالم الديني أكثر مما يستمعون إليه ويقتبسون من عمله