الدفاع عن قضايا المسلمين وجدنا الفقهاء دائماً خلال تاريخنا المعاصر في المقدمة من خطّ المواجهة، في كل القضايا السياسية المصيرية التي تتعرض له بلاد المسلمين؛ في ثورة العشرين في العراق، عندما قاد فقهاء النجف جمهور العراقيين لطرد الانجليز من العراق، وثورة الدستور في إيران، عندما قاد العلماء الجمهور إلى المطالبة بالدستور في إيران، وتحرك الإمام الحكيم في وجه المد الأحمر الشيوعي في العراق، وقيام العلماء بالثورة ضد البرامج التي أعلنها الشاه في إيران، وغير ذلك من الثورات والانتفاضات والحركات الشعبية الواسعة، كان آخرها قيام الإمام الخميني (رض) بالإطاحة بحكومة البهلوي الفاسدة ولم يقتصر فقهاء أهل البيت على القضايا التي تخصّ مساحة نفوذهم وإنما كانوا يحملون هموم وقضايا العالم الإسلامي في شتى أقاليم المسلمين، مثل قضية الجزائر وفلسطين، وكشمير والبوسنة والهرسك والشيشان وأفغانستان، وسائر الجروح في جسم العالم الإسلامي. ولا يختلف عندهم أن يتعرض للظلامة شيعي أم سني، فالمسألة عندهم الإسلام والكفر. وقد رأينا وقوف علماء الشيعة بكلمة واحدة أمام الاحتلال الانجليزي، عندما اشتبكت القوات العثمانية والانجليزية في حروب ضارية في العراق، وكانت غاية الانجليز إخراج آل عثمان من العراق. والذين يعرفون تاريخ العراق المعاصر يعرفون ماذا لقي شيعة العراق وهم أكثرية الشعب، من ظلم آل عثمان وعدوانهم خلال فترة حكمهم في العراق… ومع ذلك لما جدّ الجد واشتبكت الجيوش العثمانية بالجيوش الانجليزية في العراق؛ هب علماء الشيعة في العراق لمواجهة الانجليز وأتبعهم المسلمون كافة سنة وشيعة، وكان القائد التركي يقول عن ساحة المعركة: كلما ضاقت بنا الحرب، واشتدت بنا الأزمات كنت أنظر إلى خيمة فقيه الشيعة شيخ الشريعة الأصفهاني تحت وابل الرصاص، وهو ثابت مطمئن في شيخوخته وعجزه، فاكتسبت منه القوة والطمأنينة والثقة في الموقف العسكري.