1ـ في المجال التعليمي والاجتماعي أـ الاستقلال السياسي: ومن أهم هذه الخبرات الاستقلال السياسي لهذه المدارس عن الأنظمة والحكومات، التي كانت تحكم هذه البلاد في فترات التاريخ المختلفة. وذلك لأن مسؤولية الفقهاء والعلماء هي الرقابة العامة على كل المرافق والمؤسسات الاجتماعية، ونقدها ومحاسبتها. وعلى رأس هذه المؤسسات مؤسسة الدولة بكل أجهزتها ودوائرها الفرعية، فإذا تحولت الجامعة الدينية إلى جامعة تابعة لمؤسسات النظام وملحقة بها لم تعد تملك القدرة الكافية على رقابة هذه المؤسسة والمؤسسات التابعة لها ونقدها، ولو تحول الفقهاء إلى موظّفين في الدولة لم يملكوا القدرة على النقد والرقابة البتة. ب ـ الاستقلال الاقتصادي: والاستقلال السياسي يتبع الاستقلال الاقتصادي، فلو كانت المؤسسة الدينية تابعة اقتصادياً لمؤسسة الدولة؛ لا تستطيع بالضرورة ان تحافظ على استقلالها السياسي … القضيتان تؤلفان معادلة واحدة، لا يمكن فصل بعضها عن بعض، والاستقلال الاقتصادي لا يتحقق إلا بالاكتفاء الذاتي. وتعتمد حوزاتنا الفقهية ومساجدنا إدارة شؤونها على الحقوق الشرعية من الزكوات والأخماس. ويعتقد فقهاء الإمامية أن تشريع الخمس أوسع من خمس غنائم الحرب الذي ورد في آية الخمس من سورة الأنفال: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) فهذه الآية تخص مفردة من مفردات الخمس. وقد صحّ عندنا من حديث رسول الله (ص) إن رسول الله (ص) كان يأمر بجباية خمس فائض رأس المال. والخمس والزكاة تغطيان مساحة واسعة من نفقات الحوزات، والمدارس الدينية والمساجد التابعة للمؤسسة الدينية الكبيرة.