المحدّثين والفقهاء. وعليه فإن تاريخ هذه الحوزة العلمية يرجع إلى احد عشر قرناً؛ واستمرت هذه المدرسة منذ ذلك الحين إلى اليوم تمارس نشاطها العلمي في الحديث والفقه في مد وجزر. ويرجع تاريخ الجامعة العلمية في النجف (العراق) إلى 448 هـ أي منتصف القرن الخامس الهجري، عندما انتقل الشيخ الطوسي (رض) إلى النجف لما كُبس على داره ببغداد، وأخذ ما وجد فيها من دفاتره وكتبه، ومنذ ذلك الحين استمرت مدرسة النجف (بجوار الكوفة) في ممارسة نشاطها العلمي إلى اليوم، في مد وجزر كذلك، وهذه المدة تقارب الألف عام. ولقد كتب نجم الدين المحقق الرضي الاسترآبادي المتوفى سنة 688 هـ كتابه الكبير المعجم في النحو على شرح الكفاية في النجف قبل 734 سنة ويكتب في نهايته، قد تم تمامه في الحضرة المقدسة الغروية، على مشرفها صلوات الله العزة سنة ست وثمانين وستمائة. النجف وقم هما الجامعتان الفقهيتان الأم في مدرسة أهل البيت (ع)، وهما من أعرق الجامعات الإسلامية، أو الحوزات العلمية كما يسميها أبناء هذه الجامعة. وقد أكسبت هذه العراقة التاريخية هاتين الحوزتين الكثير من الخبرة في القرآن والحديث والفقه، وهي أمهات العلوم في هاتين الجامعتين. ولأن هاتين المدرستين كانتا تحتلان موقعاً سياسياً واجتماعياً في أوساط اتباع أهل البيت (ع)، فإن هاتين المدرستين كسبتا خلال الفترة خبرة سياسية واجتماعية وعلمية وأخلاقية وتربوية كبيرة. وسوف نعكس في هذه المدرسة إن شاء الله طرفاً من هذه الخبرة في المجال السياسي والاجتماعي من جانب، وفي المجال العلمي من جانب آخر، وفي المجال التربوي من جانب ثالث.