8- الشيخ المظفر وتجديد التعليم الديني في جامعة النجف: أ- إصلاح التعليم الحوزوي: كان للنجف وجامعتها العلمية العريقة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين دور قيادي مركزي في العالم الإسلامي على الصعيدين العلمي والسياسي. غير أن انشغال المرجعية الدينية في النجف حينذاك بمواكبة الأحداث الخطيرة التي عصفت بالعراق وغيره من بلدان العالم الإسلامي، جعلها تغفل عن مواكبة أحداث أخرى تتعلق بتطور العلوم، والمناهج ، وطرق التعليم، ونظم الدراسة ، وغير ذلك مما يمكن الاستفادة منه في تطوير نظامها التعليمي ، ليكون مواكبا لروح العصر وطبيعة المرحلة. وقد طبع هذا الأمر النظام التعليمي في جامعة النجف بطابع المحافظة والجمود، وجعل أمر الإصلاح غير يسير. ولما بدأت الطليعة الواعية من أساتذة الحوزة العلمية تشعر بالمشكلات التي تعاني منها الجامعة النجفية، كانت تتناقل ذلك سرا وفي غرف مغلقة. وقد صور الشيخ المظفر بداية الحركة الإصلاحية ، فأشار إلى أن بعضا من رجال الدين »كانوا يحلمون بـإصلاح نواقص الدراسة العلمية في معاهد النجف الأشرف . فإن هذه النواقص، كفقدان نظم التربية والتدريس، والامتحانات ، والمواد العلمية، والأوقات، والشهادات، كانت تهدد المفكرين منا بشلل الحركة العلمية في مستقبل الجامعة القريب أو البعيد، يوم أن اصطدمت سفينة هذه الجامعة القديمة بتيار هذا العصر الجديد، فهزتها في بحر متلاطم بالميول.«([16]) .. لقد أبتدأ هذا التفكير الصامت بضرورة إصلاح النظام التعليمي في الحوزة في عشرينيات القرن الماضي، وكان جل أصحابه من شباب علماء الدين الذين