نزول العديد من الشخصيات الدينية المرموقة إلى ساحة التعليم الجامعي، وقد أشرنا إلى بعض هؤلاء ممن درّسوا في (كلية دار العلوم) في القاهرة، ويمكن الإشارة إلى سلسلة طويلة منهم على امتداد العالم الإسلامي أذكر منهم على سبيل المثال العلامة الشيخ مصطفى عبد الرازق تلميذ الشيخ محمد عبده، وشيخ الجامع الأزهر، الذي درّس الفلسفة الإسلامية في جامعة القاهرة، وتخرج على يديه جيل كامل من رواد الفلسفة في العالم العربي؛ وكذلك العلامة المرحوم السيد محمد تقي الحكيم، الذي تخرجت على يديه أجيال من العلماء والأكاديميين في جامعة بغداد، فضلا عن كلية الفقه في النجف الأشرف. وكان وجود نخبة من العلماء والمشايخ في الجامعات الحديثة كفيل بـإحداث نوع من التوازن النسبي في مسارها، لأن التيار الغالب حينذاك هو تيار التغريب، الذي يهدف إلى أن تكون الجامعات عندنا نسخة منقحة أو غير منقحة من الجامعات الغربية سواء في الشكل أو المضمون، في المناهج أو في تطبيقاتها العملية. لذلك فكر المصلحون في إنشاء جامعات بديلة تأخذ من القديم عمقه وأصالته، ومن الجديد تطوره وحيويته. وإذا كان لنا أن نتحدث عن تجربة مهمة في هذا المضمار، لم تأخذ حقها من البحث والدراسة، فإننا نشير هنا لتجربة الشيخ محمد رضا المظفر (1903 – 1963) ، مؤسس جمعية منتدى النشر وكلية الفقه في جامعة النجف، والذي يعتبر بحق مجدد التعليم الديني في هذه الجامعة العريقة التي يمتد عمرها إلى أكثر من ألف عام.