للمجتمع الفرنسي في ذلك الحين من الوجوه السياسية والاجتماعية والدستورية ووضع المرأة وغيرها، والتي ضمنها كتابه (تخليص الإبريز في تلخيص باريز)، مما كان له أكبر الأثر في إطلاع المجتمعات الشرقية على التطور الحضاري الذي بلغته أوروبا وخاصة في ميدان العلوم التي يمكن الاستفادة منها في النهوض بالمجتمع المصري والشرقي عموما من وهدة الجهل والتخلف التي كان غارقاً فيها. ولعل أهم إنجازات الطهطاوي تتمثل بدوره في تأسيس المدارس ونشر التعليم لا للبنين فقط بل للبنات أيضا، وهو أمر له دلالاته في مجتمع كان يحرم المرأة من أبسط حقوقها، بل ويحرم عليها التعليم في كثير من الأحيان. اهتم الشيخ رفاعة بالترجمة اهتماما كبيراً، حيث ترجم وهو مازال طالبا في فرنسا اثني عشر كتابا عن الفرنسية في جملة من العلوم، وسعى حين وصوله إلى مصر لتأسيس معهد خاص للترجمة، فقام بعدة محاولات تبلورت أخيرا في مدرسة الألسن التي كانت في حقيقتها جامعة حديثة تضم مدارس أو كليات متعددة للشريعة والقانون، والتجارة، والإدارة والسياسة، والزراعة، ثم ان مدرسة الألسن التي كانت تدرس لطلبتها آداب العربية واللغات الأجنبية، وخاصة الفرنسية والتركية والفارسية، ثم الإيطالية والإنكليزية ، وعلوم التاريخ والجغرافيا([12]). ومعروف أن هذه المدرسة استمرت في أداء مهمتها كأهم كلية للـّغات في مصر، وهي تتبع حاليا جامعة عين شمس في القاهرة. والأمر الجوهري الذي نستخلصه من كل ذلك أن أول تجربة جامعية نشأت في العالم الإسلامي في العصر الحديث، سعت إلى تدريس علوم الدين وعلوم الدنيا في معهد واحد، فكما تخرج هذه المدرسة القضاة فإنها تخرج المحاسبين والإداريين والمهندسين