4- الانفتاح على الصدر والحفاظ على التواليت إزاء المخاطر المترتبة على انشطار التعليم إلى ديني ومدني، حاول بعض المصلحين رأب الصدع والقيام بتجارب متوازنة تعيد اللحمة مابين الطرفين. ولعل من محاسن الصدف أن قيض لشيخ أزهري تولي هذه المهمة الصعبة، فأصبح رائداً للتعليم الحديث لا في مصر وحدها بل في العالم العربي والإسلامي، لأن هذا هو صمام الأمان من الانزلاق في عملية التحديث حسب المقاييس الغربية مع إغفال النظر للشروط والمعطيات التي يطرحها واقع المجتمعات المسلمة. ذلك هو الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي (1801 – 1873) خريج الأزهر وأحد أساتذته الذي درس المعقول والمنقول على نخبة من العلماء الذين وصل بعضهم إلى مشيخة الأزهر، وأشهرهم وأكثرهم تأثيرا عليه الشيخ حسن العطار (1766- 1835) الذي كان شيخاً متفتحا احتك بعلماء الحملة الفرنسية واطلع منهم على العلوم والفنون الجديدة التي لم تكن معروفة عند رجالات الأزهر، وهو الذي أشار على محمد علي بإرساله مع البعثة المصرية التي سافرت إلى باريس عام 1826 ليكون مرشداً دينياً للطلاب وإماما في الصلاة. لكن الشيخ رفاعة ما أن وصل فرنسا حتى أتقن اللغة الفرنسية في فترة وجيزة لفتت انتباه أساتذته وزملائه، فصدر قرار من الحكومة المصرية (بضمه إلى أفراد البعثة، بحيث يتخصص في الترجمة، لميزته عن الكثيرين من زملائه في التفوق باللغة العربية وثقافته الأزهرية، فإذا ما ضم إلى العربية وتراثها الفرنسية وعلومها كان مؤهلا للنهوض بالترجمة أكثر من الآخرين) ([11]). وهكذا تجاوز الشيخ رفاعة مهمته الوعظية البحتة ليدرس العلوم العصرية وخاصة العلوم الاجتماعية، ويكتب مشاهداته وملاحظاته عن التطور الحضاري