جديدة تحاول تحرير العقل من إسار الفلسفة الوسيطة، وتؤسس لنهضة علمية جديدة بدأت ملامحها تتضح منذ القرن السادس عشر للميلاد. وكان أشهر من تصدى لتلك المهمة فيلسوفان كبيران أحدهما الإنجليزي فرنسيس بيكون (1561 – 1626) الذي انتقد المنطق الأرسطي والفلسفة المدرسية ودعا إلى اعتماد منطق جديد قوامه التجربة والاستقراء؛ والثاني رينيه ديكارت (1596 – 1650) الذي انتقد كسلفه المنطق الأرسطي والفلسفة المدرسية لأنهما حالا دون تقدم العلم، واعتمد المنهج العقلي الرياضي وطبقه في قضايا العلم والفلسفة التي جهد في أن تكون مثل الحقائق الرياضية واضحة وبديهية، كما جعل غاية المعرفة أن يتحكم الإنسان في قوى الطبيعة. وقد كان أثر هذين الفيلسوفين كبيراً وحاسماً في تقدم العلم التجريبي ووصوله إلى ما وصل إليه حتى يومنا هذا. ومن الطبيعي أن تكون الجامعات والمعاهد العلمية في الغرب قد استوعبت درس التغيير جيداً، فبدت مناهجها مواكبة للتطور العلمي الذي تحقق، وأصبحت نقطة انطلاق ومكان اختبار للنظريات العلمية التي تتناول شتى فنون المعرفة. فتخلصت تدريجيا من سيطرة مناهج العصر الوسيط العلمية والتربوية، وبدأت ثورة في ميدان التربية والتعليم ومناهج البحث العلمي وغيرها لم تتوقف حتى يومنا هذا. 2- الصدام والتفاعل الحضاري: لو استعرضنا تجارب التاريخ لوجدنا أنه ما من حضارة عاشت بمعزل عن الحضارات الأخرى، قريبة كانت أو بعيدة، إذ لابد أن يحصل بينها في يوم من الأيام احتكاك أو صدام أو حوار أو تفاعل تترتب عليه نتائج تتراوح بين الانهيار الناجم عن هيمنة عسكرية وقوة اقتصادية وسياسية، أو الذوبان التام أو الجزئي