القيّم الفريد (من لا يحضره الفقيه)، وعرف عنه انه قد قضى أكثر حياته في التنقل والسفر، وقد يكون في ذلك شيء من المبالغة، ولكنها تعبّر عن حقيقة هذه العلاقات الواسعة في ذلك الوقت الذي كان السفر فيه صعوبات كبيرة ولاسيما للعلماء. ولم يكن يفرّق في أسفاره هذه وعلاقاته بين المذاهب الإسلامية إلا بقدر ما تفرضه طبيعة التربية العلمية والاستفادة منه والعلاقة به من امتيازات. الثاني: الأخذ والعطاء، حيث أخذ وسمع الشيخ الصدوق من شيوخ كثيرين ومن مختلف الأقطار والمذاهب الإسلامية عدّ منهم بعض المترجمين له مائة وثمانية وتسعين، كما أخذ منه منذ حداثته شيوخ طائفته، كما أخذ منه عدد آخر من شيوخ المذاهب الأخرى. وقد هيأت له كثرة أسفاره وتنقلاته فرصة واسعة لذلك. الثالث: الحرية والاستقلال في التفكير بعيداً عن التعصب، ويلاحظ ذلك بوضوح في الشيخ الصدوق من خلال بعض آرائه التي يخالف بها جمهور الشيعة الإمامية. مثل القول بسهو النبي(ص) حيث يروى ذلك كما يرويه محدثو جمهور المسلمين. وكذلك الموقف المتشدد ضد الغلو والغلاة، حيث يبدو منه انه يرى الغلو في المغالات بنسبة الأوصاف أو الكرامات حتى ما يكون منه معقولاً ومقبولاً، ولكن لابد فيه من الدليل والإثبات. ويمكن أن نلاحظ ذلك بوضوح عندما نقارن بين النتائج التي توصل إليها في كتابه (الاعتقادات) والنتائج التي توصل إليها تلميذه الشيخ المفيد، مما يؤكد وجود هذه الصفة في الاستقلال والحرية الفكرية بعيداً عن التعصب.