وامتاز أيضاً بكثرة المؤلفات في مختلف العلوم الإسلامية (العقيدة والفقه والتفسير والحديث والرجال والتاريخ) حتى قال الشيخ الطوسي عنه أنّ له نحو ثلاثمائة مؤلف ورسالة، وبكثرة الشيوخ ومن أخذ عنهم حتى عدَّ بعض المترجمين له مائة وثمانية وتسعين شيخا من مختلف المذاهب والبلاد الإسلامية. كما عرف أيضا بالحفظ للحديث والنقد له وللرجال. وهو في شخصيته وعلمه وتاريخه يمثل نموذجاً واضحاً لبداية مراحل المرجعية الدينية لدى الشيعة الاثني عشرية من ناحية، كما هو وارث مدرسة الحديث القمية من ناحية أخرى، وهو أمر يمتاز به على معاصره الآخر الذي سوف نشير إليه في المثال الثاني. كما انه يمثل الرمز في سعة الاطلاع والحركة والعلاقات بما يتناسب مع ذلك العصر، وكان ولا يزال يحظى باحترام وقدسية خاصة لدى جميع أجيال شيعة أهل البيت(ع) وعلمائهم، ومن ذلك اعتبار كتابه (من لا يحضره الفقيه) أحد الكتب الأربعة المتميزة. وقد كانت وفاته سنة 381 هجرية في مدينة الري، حيث كان ولازال قبره مزاراً عاماً للمؤمنين ، وقد ظهرت له كرامات عديدة. الشيخ الصدوق والتقريب وإذا أردنا أن ننظر إلى الشيخ الصدوق من زاوية التقريب والتعايش بين المذاهب الإسلامية، يمكن أن نلاحظ – باختصار – هذه الأبعاد التي يمكن أن تكون منهجاً وقدوة في مجال التقريب الفكري والفقهي والنظري. الأول: العلاقات الواسعة مع مختلف الأوساط العلمية والاجتماعية في العالم الإسلامي، وهو أمر يؤكده جميع مترجميه وتؤكده كثرة أسفاره وطول المكوث فيها، بحيث انه أقام في بلاد ما وراء النهر لمدة أربع سنوات ألـّف فيها كتابه