في بلاد (قم والري)، وانّ الشيخ ابن الجنيد يمثل في شخصيته وتربيته ونتاجه العلمي وانتمائه المدرسي مثالاً للمدرسة الفقهية الناشئة التي تقوم على أساس التفريع والاستنباط والاستنتاج والتي كانت ولادتها في بغداد، ويعتبر أحد مؤسسي هذه المدرسة، وإن كان قد سبقه نسبياً وعاصره فيها ابن أبي عقيل العماني الذي لا يظهر بصورة واضحة مكان استقراره ونشاطه العلمي. 1- الشيخ الصدوق: يمثل الشيخ محمد بن علي بن الحسين بن بابوية المعروف بالصدوق مثالاً متميزاً للمرجعية الصالحة لدى الإمامية الاثني عشرية، حيث كان والده علي بن الحسين من المراجع الوكلاء المحليين في عهد الغيبة الصغرى، وإلى جانب نائب الإمام الحجة(عج) الحسين بن روح النوبختي، وهو يحظى باحترام متميّز أيضاً في علم الحديث لدى الشيعة، مضافاً إلى ما كان يحظى به من احترام متميز لدى الشيعة القميين والريّين في عصره وهم نخبة الشيعة في إيران كلها، كما انّ أسرته برمتها كانت من الأسر العلمية المتميزة في ذلك العصر. وقد كانت ولادته بين سنة 306 – 311 بدعوة من الإمام المهدي (عج) في قصة معروفة تؤكدها الروايات التاريخية الموثوقة، ولذا فهو بذلك يحظى بقدسية خاصة. وكان يتيمز منذ حداثة سنه بحفظ الأخبار وروايتها بحيث (سمع منه شيوخ الطائفة وهو حديث السن) كما يذكر ذلك الرجالي المعروف بالنجاشي القريب من عصره، وكان يتميز بكثرة الأسفار والرحلات إلى الحواضر العلمية مثل بغداد والكوفة ونيسابور وبلاد ما وراء النهر ومكة مضافا إلى قم مسكنه والري وهي أصله ومدفنه وغيرها من المناطق. كما كانت له مراسلات كثيرة مع مختلف مناطق العالم الإسلامي مثل واسط وقزوين ومصر والبصرة والكوفة والمدائن ونيسابور وبغداد، بحيث ألـّف كتاباً في هذه الرسائل اختص كل مصر منها بكتاب.