لدى الخلفاء أنفسهم، وقد لخّص الإمام الشهيد الصدر ذلك فكتب عنها مايلي: »فدك قرية في الحجاز بينها وبين المدينة يومان وقيل: ثلاثة. وهي أرض يهودية في مطلع تاريخها المأثور - إلى أن يقول - وابتدأ بذلك تاريخها الإسلامي فكانت ملكاً لرسول اللّه(صلى الله عليه وآله) لأنها مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، ثم قدّمها لابنته الزهراء وبقيت عندها حتى توفي أبوها (صلى الله عليه وآله) فانتزعها الخليفة الأول (رضي الله عنه)على حد تعبير صاحب الصواعق المحرقة وأصبحت من المصادر المالية العامة وموارد ثروة الدولة يومذاك، حتى تولّى عمر الخلافة فدفع فدكاً إلى ورثة رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) إلى أن تولّى الخلافة عثمان بن عفان فأقطعها مروان بن الحكم على ما قيل، ثم يهمل التاريخ أمر فدك بعد عثمان فلا يصرّح عنها بشيء، ولكن الشيء الثابت هو أن أمير المؤمنين علياً انتزعها من مروان على تقدير كونها عنده في خلافة عثمان كسائر ما نهبه بنو أمية في أيام خلافتهم...«[118]. ثم إن التاريخ الذي أعقب الخلافة الراشدة وتولّي معاوية بن أبي سفيان ومن بعده من خلفاء آل أبي سفيان يحمل نفس التذبذب في الموقف من فدك فتارة تُسلّم لورثة الزهراء (سلام اللّه عليها) وأخرى تنتزع منهم وهكذا[119]. وبدأ السيد الشهيد الصدر (رضي الله عنه) دراسة هذه القضية، فعالج جوانبها المختلفة علاجاً تاريخياً وفقهياً وعقلياً وبروح موضوعية من دون جرح للمشاعر، أو استفزاز لأحد. وقبل أن يبدأ بالمعالجة اشترط على نفسه وعلى كل مؤرخ وباحث التزام التحرر من القيود التي من شأنها طمس الحقائق أو تشويشها فيقول: »فإذا كنت تريد أن تكون حراً في تفكيرك، مؤرخاً لدنيا الناس لا روائياً يستوحي من دنيا ذهنه ما يكتب فضع عواطفك جانباً، أو إذا شئت فاملأ بها