الحكم السني الذي كان يحمل راية الإسلام قد أفتى علماء الشيعة قبل نصف قرن بوجوب الجهاد من أجله وخرج مئات الآلاف من الشيعة وبذلوا دمهم رخيصاً من أجل الحفاظ على راية الإسلام...» لماذا؟ لان الهدف «أن نحارب عن راية الإسلام وتحت راية الإسلام مهما كان لونها المذهبي». والموضوعية تقتضي أن نعترف أن هذا الخطاب المفتوح والصريح لا يحل مشكلة الخلافات المذهبية بين المسلمين، ولكنه يشكل البوابة الكبيرة التي يمكن الدخول من خلالها والقضاء على المشكلة النفسية وفتح آفاق الحوار الموضوعي للاتفاق ولو على الحد الأدنى من الوفاق والائتلاف. ثم بيّن (رضوان اللّه عليه) أن من أهم أسباب تعميق الخلافات وتهويلها هو الاتجاهات السياسية والقادة الذين تحكمهم مصالحهم الخاصة فقال: «إن الطاغوت وأولياءه يحاولون أن يوحوا إلى أبنائنا البررة من السنة أن المسألة مسألة شيعة وسنة ليفصلوا السنة عن معركتهم الحقيقية ضدّ العدو المشترك، وأريد أن أقولها لكم يا أبناء علي والحسين، وأبناء أبي بكر وعمر: إن المعركة ليست بين الشيعة والحكم السني..». ومن المؤكّد أن الإمام الشهيد الصدر قد لا يؤمن بالكثير من اجتهادات الصحابة أو مواقفهم من مختلف القضايا ويعتبرها اجتهاداً في مقابل النص والتي منها: الموقف من قضية النص على إمامة أمير المؤمنين علي(عليه السلام) بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، فهو يعتقد أنه الوريث الحقيقي للنبي، والحارس الأمين لمسيرة الإسلام من بعده. إلا أن هذا الاعتقاد لم يجعله في موقف الرافض للكيان الآخر، ولم ير في ذلك مبرراً لعدم توحّد الأُمة تحت راية «لا اله إلا اللّه محمد رسول اللّه» العقيدة التي أجمعت الأُمة على الايمان بها. ثالثاً - كَـتَب السيد الشهيد الصدر(رضي الله عنه) في أوائل شبابه بحثاً عن فدك أسماه فدك في التاريخ عالج فيه قضية فدك علاجاً موضوعياً فريداً. ولعل أهم ما ميّز البحث في إطار ما نحن فيه من معالجة الحواجز النفسية الأمور التالية: 1- لم يستعمل (رضي الله عنه) عبارات من شأنها جرح عواطف ومشاعر السنة، فنراه يعبّر عن الخلفاء بعبارات مناسبة اعتادوها عند ذكرهم لهم، راجع على سبيل المثال الصفحات التالية من فدك في التاريخ، 26، 44، 59، 73، 150، وهو يريد أن يعبّر عن الأسلوب الأمثل في كيفية التخاطب بعيداً عن كل ما من شأنه تفريق المسلمين أو جرح مشاعرهم أو الإساءة إلى معتقداتهم. 2- تعتبر قضية فدك من القضايا الحساسة وتتمتع بأهمية خاصة لدى اتباع أهل البيت. وقد بحث هذا الموضوع على امتداد التاريخ الكثيرُ من علماء المسلمين سنة وشيعة. ومن ملاحظة كل ذلك نجد أن الموقف من فدك متباين حتى