وفي هذا البحث المقتضب أحاول أن أستعرض أهم الخطوات التقريبية التي خطاها الإمام الشهيد الصدر (رضوان اللّه عليه). ومع أن يد الإجرام حرمت منه الأُمة في وقت مبكر جداً، فلم يتح له أن يمارس دوره الكامل في تطبيق أفكاره ومشاريعه التي منها توحيد الأُمة وتجميع صفوفها. فان نزراً يسيراً قد عرفناه عن تلك الأفكار والمواقف والتصورات أعطانا رؤية واضحة عن هذا الجانب في موقفه من عملية التوحيد والتمسّك بعرى الإسلام والإيمان. ويجب أن نؤكد مرة أخرى على أنه يجب اعتبار حركة الإمام الشهيد الصدر في هذا المجال حركة تتّسم بأهمية خاصة بحيث يحق لها أن تتصدّر الخطوات الايجابية الأخرى التي بدرت من علماء المسلمين الواعين من السنة والشيعة، وذلك لما يتمتع به الإمام الشهيد الصدر من موقع لدى الشيعة، ولما يمثل من شموخ وتبحّر في عالم المعرفة الإسلامية والبشرية، وكذلك الظروف السياسية والاجتماعية وأجواء الحوزات والمرجعيات التي قد لا تتقبّل انفتاحا كبيراً بهذه الدرجة . وحينئذ يجب أن ندخل هذه الحقائق في حسابنا عند دراستنا لخطواته التقريبية الجادة والهادفة بين المسلمين. إن أهم خطواته العملية والتي تعتبر رائدة في هذا المجال يمكن تلخيصها بما يلي: أولا- من الملاحظ أن الإمام الشهيد الصدر لم يقتصر في مؤلّفاته على الكتب الشيعية فقط بل اعتمد كذلك على كتب أهل السنة ومصادرهم معتبراً »الفقه الإسلامي« كياناً واحداً مع ما فيه من تعدد الاجتهاد والمذاهب، فمثلاً اعتمد في كتاب اقتصادنا في محاولته لبلورة النظام الاقتصادي الإسلامي على مجموعة من المصادر الإسلامية السنية، منها: كتاب الاحكام السلطانية للماوردي [108]. وكتاب المغني لابن قدامه[109]، وكتاب الأُم للشافعي[110]، وكتاب المحلي،