تحصيل متعها، حتى يتفشي الخلاف والتحاسد ويفتك ذلك في التعاضد والتعاون ويفضي إلى المنازعة ونهاية الدولة([73]). وحاول بعض المعاصرين اكتشاف رأي القرآن في حركة التاريخ منهم مالك بن نبي وعماد الدين خليل. مالك بن نبي رأي أن مكونات الحضارة ثلاثة هي: الإنسان والتراب والوقت، ولكن هذه العناصر الثلاثة لا تتفاعل إلا بعامل يوفر الجو لهذا التفاعل، ورأي أن هذا العامل هو (الفكرة الدينية). فالدين بما يملكه من قدرة دافعة يحرك الإنسان نحو صنع الحضارة في وقت قصير نسبياً، ثم تعتري المسيرة بعض الشوائب مما يجعلها غير قادرة على الارتفاع العمودي، فتطوي مرحلة أفقية، وبعد استفحال تلك المعوقات تهبط الدفعة الدينية والمستوى الروحي ويتجه الخط البياني للمسيرة نحو الهبوط([74]). والملاحظ في فكر مالك بن نبي أنه يرى في الدين أساس بناء أية حضارة، والدين يمثل القوة الدافعة لتفاعل الإنسان تفاعلاً إيجابياً معطاء مع التراب، ثم إن الفترة الزمنية التي يسير فيها الخط البياني بصورة أفقية، وهي الفترة العقلية في رأي ابن خلدون، إنما هي من بقايا الدفعة الضخمة التي خلقها الدين في المجتمع، واتجاه الخط إلى السقوط إنما هو بسبب هبوط (الطاقة الإيمانية). أما عماد الدين خليل فقد خصص دراسة مستقلة لهذا الموضوع في كتابه (التفسير الإسلامي للتاريخ)، لكنه لم يخرج بنظرية محددة، بل ركز على أن سنن التاريخ هي أشبه بالجزاء الذي هو من جنس العمل([75]).