وتقع في هذا الإطار أيضاً المعالجات والدراسات التي أنجزها الإمام الشهيد الصدر قدس سره، والتي تتصل بالقضايا الإسلامية المعاصرة والإشكالات الفكرية التي تواجه المسلمين عموماً، سواء في نطاق (نظرية المعرفة) كما في دراسته (فلسفتنا) ( والأسس المنطقية للاستقراء)، أم في المجال الاجتماعي والاقتصادي كما في كتابه (اقتصادنا) و(البنك اللاربوي في الإسلام)، أم في مجال التفسير والفقه، ولديه عشرات البحوث ([65]). إنّ إقدام الإمام الشهيد على مثال هذه المعالجات والدراسات يحقق هدفاً مزدوجاً، إذ هو في نفس الوقت الذي يقدم إلى مثقفي الأُمة زاداً فكرياً نضيجاً لمواجهة التحديات الحضارية والفكرية الغربية، فإن ذلك يتضمن بالضرورة تحقيق أرضية مشتركة، وقناعات مشتركة يتحرك عليها المسلمون الواعون، وينطلقون منها جميعاً في عملية المواجهة، وفي بلورة المواقف الموحدة أو الحلول العملية لإشكاليات الحياة المعاصرة. إنّ كلّ ذلك لا يحقق وحدة الكفر والموقف فحسب، وهو أمر بحد ذاته يصب في هدف التقريب والوحدة، بل يؤدي بالضرورة إلى تقليص أسباب الخلاف والاختلاف. في أكثر المسائل والقضايا حيوية وخطورة، والتي تهم الأُمة الإسلامية وتتعلق بمستقبلها السياسي والاجتماعي في ظل الحاكمية الإسلامية بالأخص إذا لاحظنا أن الإمام الشهيد قدس سره قد أفاد في بلورة النظرية الاقتصادية والمذهب الاقتصادي في الإسلام، من الاجتهادات الأخرى في المدارس الفقهية الإسلامية.