وهو t لم ينطلق في دراساته من مبدأ التسالم على (نصوص) معينة يقتضي منطقها ومنطوقها تثبيت (المطلب، بل كان منطلقه أوّلاً من الأفق الأرحب، أي منطق الأشياء ومنطق الشريعة ومقاصدها ([62])، ثم يكون الاحتكام إلى (النصوص) في مرتبة تالية، على أن تستبعد التمحلات والتأويلات البعيدة، وتلاحظ تلك النصوص ضمن ظروف وملابساتها([63]). لقد كان وعي الإمام قدس سره عميقاً أيضاً عندما أنجز عدة بحوث ودراسات في حقول المعرفة الإسلامية، تهدف إلى تأسيس قناعات مشتركة بين أبناء الإسلام، أو تثبت أسس ومقررات شرعية مقبولة تصح منطلقاً لقيام دراسات ذات سمة تقريبية. ونلاحظ في هذا الصدد مثلاً دراسته العميقة حول مسألة الخلافة، ومعالجته لهذا الموضوع الذي يعد من أكثر الموضوعات حساسية وخطورة، نجده يرسم تلك الخطوات، وينطلق من تلك الأسس، فيبتعد عن المعالجة التقليدية المتوارثة عبر قرون متطاولة، ويبحث المسألة بأسلوب علمي رصين، وبنفس هادى محايد، وينطلق من أفق الإسلام ومنطقه، وما يفرضه منطق العلم بطرح الافتراضات المحتملة واختبارها، مستنطقاً حقائق الواقع ومشهور الوقائع. إنّ الدارس والمتأمل في كتاب الشهيد الصدر قدس سره الذي صدر تحت عنوان (بحث حول الولاية) ([64]) سيلاحظ ـ الدارس ـ أن الروح التي سادت في هذا البحث، والطريقة التي اتبعت في معالجته، وأسلوب المناقشات العلمية الهادئة، تكشف عن مصداقية النفس والنزعة التقريبية.