ثانياً: القيام بدراسات وبحوث فقهية وفكرية تتسم بنزعة التقريب والوحدة: يحسن أولاً أن نشير هنا إلى أن كثيراً من العلماء والفضلاء والباحثين قدموا دراسات علمية رصينة في مجال العقيدة والتاريخ، والفقه والأصول، التزموا فيها بأصول البحث العلمي وقواعده، وناقشوا أخطر الموضوعات بروح موضوعية وبنفس تقريبي واضح ([60]) ، وكل ذلك أسهم بلا شك في خدمة هدف التقريب والوحدة، إلاّ أنّه ربما يلاحظ أن كثيراً من الموضوعات الهامة ذات الطبيعة العقائدية والتاريخية الأكثر حساسية وخطورة بقيت في معظمها بعيدة عن التناول العلمي الموضوعي الجاد، إما خشية من إثارتها لما تحمله من حساسية خاصة، أو لأن تناولها بعيداً عن مداخلات الانفتاح الوجداني على ما توصله إليه نتائج البحث النزيه. ولقد وجدنا كثيرين على مدى التاريخ يتصدون لمثل هذه الموضوعات أو يحاولون معالجتها، ولكنهم لم يستطيعوا الإفلات من الاستجابة الواعية أو غير الواعية إلى الموروث أو القناعة المزمنة، ولا أراني بحاجة إلى إيراد الشواهد على ذلك فهي كثيرة في مجال الدراسات الكلامية والفقهية والتاريخية وغيرها([61]). إنّ المتأمل في الدراسات والبحوث التي أنجزها الإمام الشهيد الصدر قدس سره يجد مصداقية (التقريب والوحدة) فهو قد انطلق أوّلاً في دراساته ومعالجاته لأكثر القضايا خطورة وحساسية من أفق الإسلام، وما تمليه مقتضاياته وروحه ومنطقه العام.