ويشهد لذلك سيرة الإمام علي(ع) أيام خلافته مع مخالفيه، وهو بحث تناولت جانباً منه في (كتابي الوحدة الإسلامية من منظور الثقلين). كما يشهد لذلك أيضاً – في زمن أئمة أهل البيت(ع) – موقف الإمامين محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق(ع)، والاحترام المتبادل بينهما وبين العلماء في فترتهما الزمنية ممن تحولوا بعد ذلك إلى أئمة للمذاهب الإسلامية، أو كان لهم دور كبير في وصول هذا التراث الإسلامي الغزير الذي نجده الآن بين أيدي جمهور المسلمين. فقد أخذ عن الإمام الباقر(ع) علماء آخرون منهم الإمامان المعروفان أبو حنيفة محمد بن النعمان ومالك بن أنس. وقد كان كل من الإمامين الباقر والصادق(ع) في موضع من القوة والعزة الاجتماعية والسياسية في ذلك العصر مالا ينكره أحد من المسلمين حتى عرضت الخلافة في زمن ضعف الأمويين على الإمام الصادق(ع) من قبل القائد العسكري الذي أوصل العباسيين إلى الخلافة أبي مسلم الخراساني – كما يذكر المؤرخون – فلم يقبلها. ويؤكد هذه الحقيقة موقف بعض مراجع الدين المتميزين الكبار من أتباع أهل البيت(ع) الذين كانوا ولازالوا يمثلون موقع الرمز والقدوة بين علماء وأتباع أهل البيت(ع). حيث نلاحظ فيهم وراثة هذا الاهتمام والفهم النظري والموقف العملي من قبل المرجعية الدينية([3])