ثانيـاً: وجوب الالتزام والتمسك بمواثيق الأمان إذا عهد بها المسلمون لأعدائهم؛ ذلك أن الأمان معناه:(الكف عن التعرض للأعداء بالقتل والسبي حقاً لله تعالى، والله لا يعزب عنه مثقال ذرة، ولا يخفى عليه خافية). ثالثا: حرمة أموال المعاهدين كحرمة أموال المسلمين قال محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله تعالى: (وإذا أودع المسلمون قوماً من المشركين فليس يحل أن يأخذوا شيئاً من أموالهم إلاّ بطيب أنفسهم، للعهد الذي جرى بيننا وبينهم؛ فإن ذلك العهد في حرمة التعرض للأموال والنفوس بمنزلة الإسلام، فكما لا يحل شيء من أموال المسلمين إلاّ بطيب أنفسهم فكذلك لا يحل شيء من أموال المعاهدين، وهذا لأن في الأخذ بغير طيب أنفسهم معنى الغدر، وترك الوفاء بالعهد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(في العهود وفاء لا غدر فيه)…، ويستدل لهذا بحديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أن ناساً من اليهود يوم خيبر جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد تمام العهود فقالوا: إن حظائر لنا وقع فيها أصحابك فأخذوا منها بقلاً، أو ثوماً، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فنادى في الناس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا أحل لكم شيئاً من أموال المعاهدين إلاّ بحق.([133]) فإذا نادى المسلمون أهل الحرب بالأمان فهم آمنون جميعاً إذا سمعوا أصواتهم بأي لسان نادوهم به؛ لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإنه كتب إلى جنوده بالعراق: إنكم إذا قلتم لا تخف، أو مترسي، أو لا تذهل فهو آمن؛ فإن الله تعالى يعرف الألسنة([134])،(ويحرم به قتل، ورق، وأخذ مال) والتعرض لهم لعصمتهم به…).([135])