الأولى إلى الثانية حتى يستفرغ جهده بالنسبة للأولى التي قبلها، ولا يجوز شرعاً أن يتقدم إلى ما بعدها حتى يستنفد ما قبلها: الخصلة الأولى: إرسال الرسل لتبليغ الدعوة انطلاقاً من عموم الرسالة، والأمر بتبليغ الدعوة إلى كافة انحاء المعمورة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكاتبة الملوك والرؤساء، ودعوتهم إلى اعتناق العقيدة الإسلامية؛ عملاً بقوله سبحانه وتعالى(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته، والله يعصمك من الناس)([127])، كان هذا جل قصد النبي صلى الله عليه وسلم؛ إشفاقاً منه على أمته. فإن لم تكن الاستجابة لدعوة الحق التي ترتفع بإنسانيتهم، وتقودهم إلى السعادة الأبدية طوعاً، ولم يفتحوا قلوبهم للإسلام، ولم تنشرح له صدورهم، وحال الزعماء بين الإسلام وبين شعوبهم فالسبيل للمعايشة السلمية، وعصمة الدماء هو: الخصلة الثانية: إبرام المعاهدات التي تعصم الدماء والأرواح، وهي: (العقد مع أهل الحرب على الكف عن القتال مدة، بعوض وبغير عوض)([128]) لتعرف كل دولة ما لها، وما عليها؛ حتى(يعيش المجتمع الدولي جميعاً في ربيع العصمة، عصمة الدماء، والأعراض، والأموال، والأوطان، لا تبغي دولة على أخرى …).([129]) للمعاهدات بين المسلمين وغيرهم في الشريعة الإسلامية أهمية خاصة، تم عقد نظمها، وموادها من أصول شرعية قاطعة: من القرآن، والسنة النبوية المطهرة، ناهيك عن المعاهدات التي أبرمها الرسول عليه الصلاة وأزكى التسليم، وأكدها بأقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وسار الخلفاء من بعده على منوالها من أهمها: