هذا النوع من التعامل في هذا المجال قانوناً وقاعدة شرعية ثابتة في السلم، لا يختلف الأمر عنه في المواجهة، والمناجزة: الدعوة أولاً: ومحاولة إقناع الطرف الآخر بكل وسائل الإقناع ما أمكن حتى لا يترك سبيل، أو سبب لنشوب حرب، ومواجهة قتالية، هذا ما تم إعلانه قولاً، وجرى تطبيقه عملاً في نصوص لا تقبل التأويل: (إذا لقي المسلمون المشركين فإن كانوا قوماً لم يبلغهم الإسلام فليس ينبغي لهم أن يقاتلوهم حتى يدعوهم؛ لقوله تعالى:(وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً)،([124]) وبه أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراء الجيوش فقال: (فادعوهم إلى شهادة لا إله إلاّ الله؛ ولأنهم ربما يظنون أننا نقاتلهم طمعاً في أموالهم، وسبي ذراريهم، ولو علموا أنا نقاتلهم على الدين ربما أجابوا إلى ذلك من غير أن تقع الحاجة إلى القتال. وفي تقدم عرض الإسلام عليهم دعاء إلى سبيل الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، فيجب البداية به. فإذا كان قد بلغهم الإسلام، ولكن لا يدرون أنا نقبل منهم الجزية فيبغي أن لا نقاتلهم حتى ندعوهم إلى إعطاء الجزية. به أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراء الجيوش، وهو آخر ما ينتهي به القتال؛ قال الله تعالى:(حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)([125]). والذي روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: ما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قوماً حتى يدعوهم.