ويبطل بهذا قول مَن قال: انه كان رسولاً إلى البعض دون البعض.([460]) ونحو ذلك قوله سبحانه وتعالى:(إن هو إلاّ ذكر للعالمين).([461]) أي القرآن ذكر عام للعالمين من جماعات الناس ومختلف الشعوب والأمم وغيرهم لا يختص بقوم دون قوم.([462]) وتجلت العالمية بالانطلاق من المحور المشترك وهو بيت الله لتكون الهداية للجميع هداية عالمية. وقد ورد في التفسير أنه: يهدي عالم المسلمين إلى سعادتهم الدنيوية التي هي وحدة الكلمة وائتلاف الأمة وشهادة منافعهم ويهدي عالم غيرهم بايقاظهم وتنبيههم إلى ثمرات هذه الوحدة وائتلاف القوى المختلفة المتشتتة … انه هدى للعالمين لا لعالم وجماعة مخصوصة كآل ابراهيم أو العرب أو المسلمين، وذلك لما فيه من سعة الهداية.([463]) وقد فسّر الإمام الخميني(رض) هذه الآية قائلاً: ان الله تبارك وتعالى دعا العالم أجمع إلى الإسلام، ووضع هذا البيت للبشرية جمعاء منذ زمن البعثة والى أن يرث الله الأرض. إنه بيت الناس، فلا يوجد شخص أو فئة أو طائفة أولى بالبيت من بقية الناس، وانّ الناس قاطبة في مشارق الأرض ومغاربها مكلفون باعتناق الإسلام والاجتماع في هذا البيت الذي وضع للناس وزيارته.([464]) العالمية في الروابط والعلاقات الإنسانية تتجلى العالمية في أعمق صورها في الروابط والعلاقات الإنسانية التي يتساوى فيها الناس جميعاً، مما يدل دلالة واضحة على أن العالمية تنسجم مع فطرة الإنسان وكينونته، وقد تطرق القرآن الكريم إلى ذلك، وفيما يلي نستعرضها تباعاً.