ممارسة الحريّة في الاختيار، و(ب) التمتّع بالمعرفة الصحيحة للمواقع الصحيحة للأشياء في ترتيب الخليقة. ومعنى ذلك التمتّع بمعرفة كيفية الاختيار والتحرّر من الضغط والإكراه والتهديد والتلاعب. ويتطلب ذلك هداية خيّرة تأتي من التعليم بالتأديب الذي يعني التعليم الخيّر. والتعليم في الإسلام إجباري. إذ يروي عن النبي(صلى الله عليه وسلّم) أنه قال: »طلب العلم فريضة على كل مسلم«. وقال في حديث آخر ما معناه: »اطلبوا العلم ولو في الصين«، بيد أنه لابدّ من الإشارة إلى أنّ الغرض من التعليم في الإسلام يتمثّل في المقام الأول بغرس الخير وحسّ العدالة في الناس أي تدريب الناس وتعويدهم على اكتساب المعرفة السليمة وبالتالي القدرة على معرفة المواقع المناسبة في منظومة المخلوقات. وكما سبق بيانه أيضاً فإنّ المعرفة هي توصّل الروح الفكر إلى المقصود بالهدف من المعرفة. أمّا السبيل أو المصادر التي يمكن للمرء من خلالها التوصّل إلى هذه المعاني فهي: (1) الإدراك بالحواس المعروفة بالحواس الخارجية. (2) العقل السليم. (3) الخبر الصادق أي المرجع الثقة. أمّا المقصود بالمعنى الذي هو حجارة البناء في صرح المعرفة فيتألف من التصورات والإدراكات الحسية والفكر. وتتوقف الوظيفة الحقّة لعناصر المعرفة هذه على الهداية(الإلهية) والتوفيق(فضل الله). وجاء في القرآن الكريم قول الله سبحانه وتعالى:(من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا). ومن ثمّ فإنه لا مناص من أن يقوم الدين الإسلامي بأداء دور حاسم في تنمية ثقافة صحيحة سليمة وفي توجيه التغيّر الاجتماعي في هذا العالم الموغل في جنونه حيث يخفق الإنسان العلماني الحديث في الاعتراف بالله على أنه خالق الكون ورازقه([449]).