ولا يمكن للإنسان أن يقوم بواجبه كخليفة لله في الكون إلاّ عن طريق معرفة صحيحة بالله ومخلوقاته. وتعني المعرفة الصحيحة معرفة اليقين الذي يتمكن الإنسان عن طريقة من التعرّف على المكان الصحيح للأشياء في نظام المخلوقات. بما في ذلك الإنسان نفسه. ويعتبر الجهل أو العجز عن معرفة المكان الصحيح للأشياء في نظام المخلوقات، السبب الأهمّ في إخفاق الإنسان في إقامة العدالة الاجتماعية وإدامتها في مجتمع إنساني يمكن للناس أن يعيشوا فيه بسلام وأمن ووئام، وهي أمور تعدّ عناصر أسياسيّة في النمو الاجتماعي الاقتصادي والتنمية المستدامة. أمّا فصم روابط الإنسان مع خالقه فيعني تحويله إلى مخلوق مطواع لاحول له ولا طول. العَوْلمة عملاً وفلسفة ينبغي أن يكون هناك تمييز واضح بين العَوْلمة بمعنى العمل على عَوْلمة الناس أو الأشياء Globalization والعَوْلمة كمبدأ وفلسفة Globalism. بينما تعني الأخيرة تطابقاً مع الفلسفة العالميّة أو الشموليّة Universalism التي تميّز الإسلام فإنّ الأولى تمثّل فلسفة ماديّة تتَّسِم بها الماديّة العلْمانيّة الغربيّة. وكما يبيّن علي المزروعي مصيباً في مقالته التي سبق الحديث عنها، فقد تجلّت عالميّة الإسلام في عدد من طقوسه أو أركانه مثل صيام شهر رمضان وأداء الصلاة مع التوجّه إلى جهة واحدة هي الكعبة. وفي الحج حيث التجمّع في مكان واحد وتبليغ الدعوة دون إكراه. والحقيقة أنّ النبي محمداً(صلى الله عليه وسلم)، وقد أرسله الله رحمة للعالمين كافّة، هو أفضل تجلّيات الطابع العالمي للإسلام. ولذا فإنّ من الواجب عدم الخلط بين العَوْلمة كفلسفة Globalism والعَوْلمة بمعنى إكساب الطابع العالمي للآخرين Globalization، وهي فعاليّة تنطوي على