المجتمعات التي سبق أن اتخدت النظرة الإسلامية إلى العالم سبيلاً. أمّا وقد وضعنا ذلك نصب أعيننا، فلننتقل الآن إلى مناقشة العَوْلمة على الأمة الإسلامية. أثر العَوْلمة في الأمّة الإسلامية يكمن خطر الثقافة الجديدة للعَوْلمة في حقيقة أنّ خصائصها الأساسية تقوم على اختيار فعل أشياء يمكن أن تلحق أبلغ الأذى بالحياة الإنسانية؛ إمّا نتيجة فعل متعمَّد أو بمجرد المصادفة نتيجة للافتقار إلى المعرفة والهداية السليمين الآتيين من لدن سلطة عليا وهي الله(عن طريق القرآن الكريم) ثم النبي(صلى الله عليه وسلم). ودون الدين أو الهداية الربّانيّة فإنّ من شأن الإنسان أن يبقى عاجزاً عن ممارسة مشيئته الحرّة الحقيقية في اختيار ماهو صحيح وخير. وحسب نظرة الإسلام إلى العالم والمعرفة الحقّة والصحيحة فإنّ الهدى هبة من الله. وكما جاء في القرآن الكريم فإنّ الله(يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤْتَ الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً)([442]). أمّا الثقافة الجديدة التي جاءت بها العَوْلمة فترفض دور الدّين في تكوين الثقافة. إنّها تتفيّأ إنتاج ثقافة علمانيّة لن يكون للدين فيها دور يقوم به، وهو الدين السماوي الذي اختاره الله فأتقنه، وهو سبحانه خالق الإنسان وأفضل من يعرف ما هو الأفضل لهذا الإنسان. وينص القرآن صراحةً على أنّ الإسلام هو الدين الذي اختاره الله([443])، وأنّ لا إكراه في الدين([444])، وأنّ ذلك الدين قد أكمله الله وأتمّ نعمته به([445]). ولهذا السبب فإنه ليس بالإمكان أن نستبدل الثقافة الإسلامية التي تستمد محتواها من الدين بثقافة نابعة من الماديّة العلمانيّة. ولمّا كان الإسلام ديناً للكافة فإنّ الثقافة أيضاً لابدّ وأن تكون كذلك، إنها تحترم الثقافات الأخرى وتستوعبها وتثريها ضمن إطار التوحيد. وقد مكّن انتشار الإسلام، ليطال إفريقيا وآسيا