هذه الثقافة. حيث أنها تفصل بين الآباء الذين يرتبطون ارتباطاً وثيقاً بنظرة الإسلام للعالم من ناحية وأبنائهم الذين لا يكادون يعرفون شيئاً عن الإسلام ولا يكنّون أي احترام للتقاليد. والعَوْلمة عمليّة متحركة في جميع مظاهر الحياة الإنسانية وتقوم على فلسفة عَلْمَنة المجتمع وعصرنته(تدمير القيم التقليديّة). ويتمثل هدفها الرئيس في تقليص المعتقدات والممارسات الدينيّة إلى حدودها الدنيا والقضاء على التقاليد الثقافيّة والعادات الاجتماعية كما تحطّ من شأن القيم الأخلاقيّة، مؤدّية بذلك إلى إصابة المجتمع الإسلامي بالعجز وهو المجتمع الذي يزخر بالطاقات والإمكانيات الكامنة. وتتمثل الميزة الرئيسة لثقافة العَوْلمة الجديدة كما سبقت الإشارة إليه في النزعات الماديّة والعلمانيّة والفرديّة. ويتجلّى الخطر هنا في أنّ العناصر الغربيّة لهذه الثقافة تفرض فرضاً على الناس عن طريق وسائل وأساليب إعلاميّة وتقنيات اتصال متقدّمة، ابتداءً من صناعة وسائل التسلية مروراً بالحاسوب والإنترنت والأفلام وأشرطه الفيديو وشبكات التلفزيون والموسيقى والأغاني الشبابيّة الصاخبة وأفلام الكرتون وإنتاج السلع الاستهلاكيّة(سقط المتاع)، وطرق الإعلان المثيرة إن لم نقل الاستفزازيّة. وقد تمّ إبراز هذه العناصر بوضوح في مقالة الربيعي التي سبق الاستشهاد بها. ولابدّ من الإشارة هنا إلى أنّ العناصر المكوّنة لهذه الثقافة الجديدة تمثل نظرة الغرْب إلى العالم، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر بالطبع على موقف الفرد تجاه الحياة كما يتجلـّى ذلك في أسلوب الحياة واللباس وعادات الأكل والمواقف إزاء الناحية الجنسيّة، ومفهوم الزواج، والطلاق، والإجهاض وتعاطي المخدرات ومعاقرة الخمر وجميع ضروب المتعة الجسديّة الموديّة إلى أنواع السلوك اللاأخلاقيّة([438]).