ولا الاستقرار دون إقامة العدل. أخطار العَوْلمة إذا نظرنا إلى ما دار من نقاش أعلاه حول نظرة الإسلام إلى العالم، يمكن أن نرى أنّ العَوْلمة الثقافيّة القائمة على العقائديّة(الأيديولوجية) المادّيـّة العلْمانيّة أمر خطير وضارّ بالمجتمع الإنساني بعامّة والمجتمع الإسلامي بخاصّة. وفي وسع المرء أن يرى بسهولة أنّ الخطر الذي تشكّله العَوْلمة على المجتمع الإسلامي لا يكمن أصلاً في عملية العَوْلمة ذاتها. ويأتي الخطر من المحاولة الخفيّة والمنسّقة للتقليل من فعالية الإسلام في سعيه إلى إنشاء مجتمع يتّصف بالاستقامة والعدالة يسير وفق مشيئة الله. ولمّا كانت العَوْلمة تعرّف بأنها مجتمع واحد ذو ثقافة واحدة، فإنها(أي العَوْلمة) تعني فرض ثقافة واحدة على المجتمعات كافّة في شتّى بقاع الأرض. وتتميّز هذه الثقافة الجديدة بأنها ثقافة استهلاكيّة استبدلت فيها أخلاقيات المنافــع والأربــاح أخلاقيـّات الأنبياء. إنها ثقافة نزعات ماديّة وفردية واستهلاكيّة وعلمانيّة وعصرانيّة. ومن الطبيعي أن يرفض الناس الذين يهمهم معتقـدهم الديني وممارساتهم الدينيّة، هذه الثقافة ويحاربوها إذا اقتضى الأمر ذلك. ويتجلّى خطر العَوْلمة الثقافيّة على الشعوب الإسلامية بوضوح في فلسفتها القائمة على النزعة الماديّة العلمانيّة والفرديّة الضالّة. وبينما لا تعترف الماديّة العلمانيّة بأي وجود خارج نطاق هذا العالم الماديّ، فإنّ الفرديّة ترفض رفضاً قاطعاً السلطة الإلهيّة مهما كان شكلها، الأمر الذي قد يقيّد حريّة المرء في العمل الذي يريد. وينظر مبدأ الفرديّة إلى الإنسان على أنه فرد عصامي يكوّن ذاته بذاته