وحسب التعاليم الإسلامية فإنه لابدّ للإنسان بالاسترشاد في ممارسة حقه في حريّة الاختيار. وباستطاعة الإنسان من خلال حريّة الاختيار أن يختار – بفضل – الهداية الربّانيّة – ماهو مناسب. له أمّا اختيار ماهو غير مناسب للإنسان فيعني فقدان حريّة الاختيار([430]). مصادر المعرفة تأتي المعرفة الصحيحة في الإسلام من الله خالق الإنسان نفسه. وقد أشار العطـّاس إلى مصدرين من مصادر المعرفة معترف بهما من جانب العلماء العلمانيين المحدثين الغربيين على أنهما المنبع الموثوق الوحيد لاكتساب المعرفة لكنه أضاف مصدراً ثالثاً يسميّه الحجّة. أمّا المصدران الآخران فهما(أ) العقل،(ب) الخبرة أو التجربة. ويبيّن العطّاس أنّ هذين المصدرين يقْصران عن تزويد الإنسان بوسائل كافية لاكتساب المعرفة الصحيحة التي تمكّنه من وضع الأشياء في مواقعها الصحيحة في ترتيب الخليقة، لاسيما عندما يكون العلْماني نفسه ينكر وجود الخالق. وأمّا المصدر الثالث الذي يعترف به العطّاس فهو القرآن وشخص النبي(صلى الله عليه وسلّم)([431]). إنه يمثل معرفة اليقين الذي لولاه ستبقى المعرفة الإنسانية بالحقائق ملفوفة بالغموض الذي يرى فيه العلماء حقيقة نسبيّة. ويسمي القرآن الكريم الغموض أو انعدام اليقين »الظن«(التخمين) ويقول إنّ الظّنّ لايمكن أن يؤدي إلى الحقيقة(إنّ الظّنّ لا يغني من الحقّ شيئاً)([432]). ويشير هذا المصدر الذي يُعرف الحجّة إلى الله وإلى تعاليمه ورسله الذين يبلغون تعاليمه للبشر. وعن طريق هذه التعاليم يزودّ الله الإنسان بالهدى الربّاني لمعرفة خالقه ومعرفة نفسه ومحيطه والكون في مجموعه([433]). ومن خلال تطبيق هذه المعرفة لليقين تطبيقاً سليماً يحصل الإنسان على الأدب والحكمة اللذين لابدّ منهما لتحقيق العدالة([434]) ولاشكّ في أنه لايمكن تحقيق السلام ولا الأمن