هو الثقافة. ويدخل في هذا أمور من قبيل اللغة وفنّ اللباس، والعادات، وقواعد الأخلاق والأغاني والموسيقى والتصميم المعماري والعادات الاجتماعية. وقد تمرّ هذه جميعاً ببعض التغييرات غير أنّ هذه التغييرات ينبغي أن لا تتعارض مع التوحيد. وفي هذا المقام فإنّ الدين هو أساس الثقافة وليس أحد العناصر المكوّنة لها كما يريدنا علماء الأنثروبولوجيا الاجتماعية وأتباع المذهب الماديّ العلماني أن نعتقد. وبوصفه ديناً شموليّاً(وكلمة دين هنا تعني ديناً مُنْزلا من عند الله كأسلوب حياة بالمعنى الجسدي الماديّ والعقلي والروحي) فإنّ الإسلام يعترف بالتنوّع في العنصر واللغة والعادات والتقاليد الاجتماعية. وفي هذا ما يكفي لتبيان طبيعة العالم وشموليته. وفي الإسلام يُشجَّعُ الناسُ من مختلف العناصر وشتّى اللغات والثقافات على العيش معاً والتعارف فيما بينهم والتعارف واحترام ثقافة بعضهم بعضاً ضمن إطار التوحيد الذي لا يعترف فقط بالتنوّع الثقافي بل يرى في ذلك أيضاً إحدى المعجزات من صنع الله عزوجل([425]). والواقع أنّ الطابع العالمي للإسلام ينعكس بصورة أفضل في طقوسه وممارساته مثل الصلاة والصيام والحج. ففي كل من هذه العبادات يقوم المسلمون من مختلف العناصر والمشارب واللغات والتقاليد بأداء النوع نفسه من العبادة في الوقت عينه في جميع أنحاء العالم([426]). وفي الإسلام يعني الوعي الثقافي معرفة الحقائق الطبيعيّة التي تقع وراء الطبيعة على أنها كلٌّ دينامي لا يتجزأ لا يقع وراءه شيء سوى الله سبحانه وتعالى. وعلى صعيد الوعي الإنساني فإنّ الحقيقة ليست نسبيّة كما هي الفلسفة الماديّة النسبيّة الغربيّة. والهدف من وراء خلق الإنسان هو أن يعرف خالقه الله ويعترف بوجوده ويخضع لمشيئته ويطيع أوامره([427]). وهذا هو معنى