وهذه السطور التي رصدنا فيها فكرة الإسلام عن الحقوق الإنسانية ببالغ الإيجاز والاختصار يمكن القياس منها أن الإسلام قد درج على رحب الصدر والسماحة في هذا المجال، وفي كل خطوة ومرحلة راعي كرامة الإنسان وشرفه، ولا يقتصر دمث أخلاق الإسلام ومجاملته ونصحه على المسلمين فحسب. وإنّما غير المسلمين أيضاً استحقوا لحسن سلوكه ومجاملته وعدله، وبالإضافة إلى هذا لو يتم التفكير والتدبر في الحقوق التي أدرها الإسلام على البشر عن النساء والأطفال والشيوخ والهرم وكبار السن، والأجانب، والمحكومين والرعايا، وذكرها الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز، وبينها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أحاديثه الثابتة الصحيحة، وناولها الفقهاء في كتبهم، ليجلا كل منصف إلى الاعتراف بأن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يستطيع المسايرة مع الزمان، ويتأهل لتلبية مقتضيات العصر، وتستطيع الإنسانية بحذافيرها أن تتنعم بإحراز السعادة والحبور والفلاح في ظلالها الوافرة اللطيفة البهية. الكثرة الحضارية مع الوحدة الاعتقادية أحكام في الشريعة الإسلامية بينت تفاصيل حدودها وقيودها وطريقة تأديتها بكل صراحة وإيضاح، فهي عامة لجميع أفراد الأمة المسلمة، ويستوي فيها العامة والخاصة إلاّ ما هي الاجتهادية منها، فربما يقع فيها الاختلاف بين الفقهاء والمجتهدين، والعامة يختارون قول من يعتمدون عليه ويتقون برأيه. وهذه الأحكام هي أحكام تتعلق بالعقائد والعبادات والمأكل والمشرب، والمعاملات، والحلة والحرمة في النكاح، وحقوق مختلف الأقارب، وقوانين الأحوال الشخصية والعائلية، والحدود والقصاص، وما إلى ذلك. وجزء كبير من الأحكام ما عينت لها الشريعة القواعد والأصول، وتعتبر هي جهاتها الأربعة التي تحدها من الجوانب، ولم يتعرض فيها لبيان جزئياتها،