وهكذا الإسلام لم يأذن للقيام بهمام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فحسب بل اثار المسلمين على هذا الواجب، وأمرهم بممارسته فعلا، وهذا الأمر والنهي، لا يعني إلاّ أن ما يتصوره الإنسان في ذهنه صوابا يدعو إليه، وما يراه خطأ يتنكب عنه، وما وسع مجال الاجتهاد فيما لم يرد فيه النص من الشارع، يفتح أبواب حرية مجاهرة الرأي والفكر. من أهم ضرورات الإنسان هي حماية حياته الذاتية وصيانتها، والإسلام يعترف هذه الضرورة كحق ثابت لكل فرد من أفراد البشر، فجاء النهي عن التجسس والتطلع إلى حياة الناس الشخصية([69]). والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن الإطلال على البيوت واستراق النظر إليها.([70]) والقرآن نفسه يوصى ويقول:(لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأذنوا وتسلّموا على أهلها)([71]). والمجتمع الإنساني لا يتأسس إلاّ على العدل والإنصاف في نظر الإسلام، ويستوى فيه جميع أفراد البشر، فيحق لكل واحد أن يتقاضى العدل ويتلقاه، قال تعالى:(وإذا حكمتم بين النّاس فاحكم بالعدل)([72]). ووجه إلى أن أمة إن كانت بينكم وبينها عداوة فلا ينبغي أن تكون العداوة هذه مانعة عن العدل، قال تعالى:(ولا يجرمنّكم شنئان قومِ على أن لا تعدلُوا اعدلُو هو اقرب للتّقوى)([73]). ويؤكد القرآن على أن كل فرد من أفراد البشر يكون بريئا عن عمل غيره، وجزاء جريمة واحد لا يلقي على الآخر، قال تعالى:(ولا تكسب كل نفس إلاّ عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى)([74]). وقال تعالى:(وان ليس للإنسان إلاّ ما سعى)([75]).