فما يزال مطلب العولمة الثقافية ـ كما أشرنا ـ هو ايجاد عالم بلا حدود يقضي على كل الخصوصيات والمميزات لفسح المجال أمام تنقل الأفكار، والاتجاهات وأنواع السلوك، وهدفها جميعاً، هو إسقاط الأنظمة، وإزالة مقومات الأمة، والقضاء على معالم السيادة، وتسهيل الإنضباط تحت العلم العولمي، وأوامر الجيش العولمي الغازي، والمشاركة في عزف معزوفة النشيد العولمي، بدل النشيد الوطني. إن المشكلة الأخلاقية في صلة العولمة بالثقافة الإسلامية وسياستها، وإقتصادها إنّما تبدو من مناصبة العولمة الغربية العداء لهذه الثقافة بكل خصوصياتها التي تشكل نظام انسانها العقدي، والخلقي، والإجتماعي وتطبع حياته بطابع العالمية التي تناقض ـ أساساً ـ طابع العولمية. فإذا تنادى المثقفون المسلمون للتباحث واتخاذ موقف موحد حول طرق الحماية ومنهجية تحصين الذات من الذوبان وتعزيز الكيان الإسلامي الذي يكسبهم القوة والمناعة الفاعلة للتصدي قامت كل أنواع الحملات، ومشاعر العداء، ووصفوا بأبشع النعوت كالظلامية، والأصولية، والإرهاب والإسلاموفوبيا وما أشبهها. على أن هذه المواقف المعادية، إنّما هي حوافز لنا نحن المثقفين المسلمين، على شحد العزائم، وزيادة التصميم على تلمس طرق الخلاص، وكل سبيل للخلاص يبدأ من استعادة المثقفين المسلمين لدورهم العلمي، الذي خصهم به الإسلام حينما جعلهم أهل الحل والعقد وكفى بهذا اللقب فخراً لهم. لكن هذا الدور القيادي للمثقفين المسلمين في مجتمعهم يتطلب منهم الاستجابة لمجموعة من القيم لعل أهمها: