وإنّما المهم بقاء الأمة ومقوماتها للحفاظ على مقومات الإنسان والمجتمع وأهمها المقوم الثقافي بمفهومه الحضاري الشمولي. إن الثقافة في مفهومها الشمولي للإنسان والمجتمع تتصل اتصالاً عضوياً وثيقاً بمختلف جوانب الحياة من نوعية المأكل، ونمطية الملبس، وطريقة العيش وقوالب الفكر والأدب، والفن، والقيمة الخلقية وغيرها. فالعولمة الثقافية ـ إنطلاقاً من هذه المعطيات ـ تحاول تحت ستار توحيد الجميع ضمن القرية الكونية الواحدة التي تسع الجميع ـ إحداث الثقافة الكونية الواحدة ـ وهي ثقافة القوى القائمة على انقاض ثقافة الضعفاء. وقد استخدم فلاسفة العولمة ومنظروها في سبيل التمكين للعولمة الثقافية، استخدموا طرق وأساليب شتى، أهمها التسلل إلى العقل، والى القلق للتأثير على السلوك. فشلال الأغاني الهابطة التي تدعو إلى الجنس وتشجع عليه، والنداءات الملحة لتخليص الإنسان من طابع الدين، وطابع العقيدة إن هي إلاّ مقدمات باسم الدافع العاطفي، والوازع العقلي لإحداث التوازن ـ المزعوم ـ في الإنسان بين عقله وقلبه. وفي هذا السياق نتج ما وصف بثنائية الجنس والعنف. وقد عبئت لهذه الأهداف الخبيثة طاقات خارجية وداخلية. فبالنسبة للطاقات الخارجية، نجدها تتمثل في الغزو الإعلامي بفضائياته، ومواقعه الإباحية للإستيلاء على قلب وعقل الإنسان، وتجنيده بسهولة ـ بعد إحداث القابلية فيه ـ ضمن ثقافة العولمة الأحادية. أما عن الطاقات المحلية داخل المجتمع الإسلامي، فإنها تكمن في التسلل إلى المنظمات الحيوية في المجتمع كمنظمات الشباب والنساء، بصفة أخص وشحنها