2ـ تسييس الثقافة بدل تثقيف السياسة في نطاق العمل على إسقاط الأمة ومقوماتها، تدعو العولمة الثقافية إلى التخلي عن فكرة الأمة بوصفها دعوة إلى التعصب الديني، أو القومي، أو العرقي، وفي هذا السياق قامت الدعوة إلى تسييس الثقافة، وتتمثل في جلب المثقفين للحكم، بعد إفراغهم من الشحنة والسحنة، وإغرائهم بالمناصب، والأموال، وتكميم أفواههم، وتعصيب عقولهم عن رؤية واقع الأمة والمساهمة في إحيائه والنهوض به. ولعل العولمة قد استفادت من تجارب التأريخ حيث أننا نجد في الجزائر أن الاستعمار الفرنسي قد حطم الدولة أثناء احتلاله العسكري، ولكنه لم يتمكن ـ رغم كل جهوده المبذولة من القضاء على مقومات الأمة التي تكفل بالمحافظة عليها علماء الأمة بقيادة الإمام عبدالحميد بن باديس وصحبه، حينما رفعوا في وجه المحتل شعار الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا، فاستطاعت الأمة أن تعيد لنا الدولة بفضل بقاء الأمة حية بقيادة العلماء والمثقفين المخلصين. ويمكن أن ينسحب نفس المثال على الجمهورية الإسلامية في إيران الشقيقة، التي تكفلت الأمة بقيادة علمائها ومثقفيها الصادقين، بالإبقاء على شعلة الوعي في عقول أبناء الأمة، فتجندوا لإسقاط الدولة الظالمة واستبدالها بدولة الأمة الإسلامية العادلة. من هنا يتجلى لنا أن الأساليب الملتوية التي يستخدمها الأعداء اليوم والتي تعمل على مغالطة العقول هي محاولة الفصل بين الأمة ولغتها وعقيدتها، ووحدتها، وحضارتها، كي يسهل عليهم بعد ذلك إسقاطها، وإنه لدرس بليغ يجب أن يستوعبه أبناء الأمة الإسلامية في ضوء ما يعيشه من مستجدات في الخليج، وفي فلسطين، وفي افغانستان، فالمهم ليس سقوط الأنظمة أو الحكومات