وجعلها تقتات من المساعدات الجائرة، التي تذل المستضعفين، واضطرارهم إلى التضحيات بجوانب كبيرة من السيادة الوطنية، كفتح القواعد العسكرية والتوقيع على اتفاقيات مذلة، والإنضواء تحت أحلاف سياسية أو عسكرية الخ. إن العولمة الإقتصادية، نسسيج للشركات المتعددة الجنسيات، والتي بدورها تنطوي على منظمات دولية كثيرة تتخذها غطاء لإملاء شروطها المجحفة تحت ستار القروض والمساعدات. إن أخطر ما تفضي إليه هذه العولمة الإقتصادية، في ضوء تحليلنا لها على ضوء راهنية الواقع، هو تحقيقها لمبدأ الاقصاء الذي يمثل العائق أمام حصول أغلبية شعوب العالم، ومعظم الأفراد فيها على الحد الأدنى من حق العيش، وهو ما يجعلها ـ تحت وطأة الحاجة ـ فاقدة لحقها الطبيعي في المواطنة، بعد أن تذل إقتصادياً، ويتم إخضاعها لممارسة اقسى المهن، بأقل مقابل، وتستخدم هي نفسها لنهب موارد بلادها الطبيعية لصالح تلك الشركات العالمية، وهو ما ينتج عنه تلوث في الطبيعة وفي المناخ. ويتضح لنا، من كل هذه المعطيات أن الهدف المنشود من مسعى الشركات العالمية المتعددة الجنسيات ممثلاً في القيام بما تسميه(التعاون) والمساهمة في تنمية الشعوب المتخلفة، إنّما هو ابتزاز خيرات هذه الشعوب، للحصول على الكسب الفاحش على حساب كل القيم. لذلك، لا نجد عناء في الكشف عن اسباب الظلم السائد، وتقسيم العالم إلى عالم متخلّف يمثل الأغلبية، وعالم متقدم يمثل الأقلية، وأهم هذه الأسباب وجود هذه الشركات المستغلة التي تستحوذ على ما يزيد على 84% من الناتج الإجمالي العالمي، وما يماثله في النسبة من التجارة العالمية، وهو ما زاد أغنياء العالم غنى، وهم الأقلية، وضاعف من حاجة فقرائه وهم الأغلبية.