أما شعار(دعه يعمل دعه يمر)، الشعار الليبرالي التقليدي، وإن كان ظاهره عدم التدخل في سلوك الأفراد، إلاّ أن هذا الشعار يأتي من الاعتقاد الفلسفي الذي اشرت إليه، فالإنسان ما دام محكوماً بهذه القوانين الفيزيقية فلا يجب التدخل فيه إلاّ إذا تجاوزها، شأنه شأن الظواهر الفيزيقية بعام، فالنهر مادام يجري وفق حدوده لا يجب ان يمنع من الجريان، لأن ذلك محكوم بذات المعايير. وإذا كان القرآن الكريم يعطي قيمة كبرى للوعي والإرادة والمسؤولية ومن ثم للتاريخ، المكان والزمان والانسان، بل يدعو إلى قراءة القصص القرآني واتباع المنهج العلمي في دراسة التاريخ دراسة ميدانية(سيروا في الأرض)، فإنه في اطار تكريم الإنسان يعطي قيمة كبرى لموضوع البيان واللسان(خلق الإنسان علمه البيان)، فالبيان واللسان من مكونات الإنسان ومكونات الأمم والشعوب، والقوى بفرض ما يسمى(بالمنطق الوضعي)، أي ان أي كلمة لا(ما صدق) لها في الواقع هي كلمة زائفة كما يقول اصحاب المدرسة الوضعية المنطقية، إن هذا القول يلغي من الإنسان اهم خاصياته الإنسانية التي فرق الله بها الإنسان عن غيره من الحيوانات والكائنات الفزيقية، وإذا كان القرآن يؤكد ان للمخلوقات الأدنى(منطق)، مثل(منطق الطير) فإنها لا تملك بياناً.. إننا نفهم من ثغاء الشاة، وخوار البقر، ونقيق الضفادع، ولكن لا يمكن ان نقول ان للبقر بياناً. إن فرض فقه الارقام والحسابات، أو لغة السوق، هو ما يؤكد القرآن زيفه فالقرآن يقدم ان لله حسابات هي غير حسابات السوق القائمة على الوهم والظن والآيات القرآنية التي تكشف خلال مثل هذه الحسابات(ام حسبتم)(ولا تحسبن)(أفحسبتم) وغيرها تؤكد ان حسابات الحقيقة هي غير أرقام الوهم والظن.